خارت قواه، لم تعد تحمله ساقيه ولم تجد
محاولات يديه في الوقوف نفعا. رائحة التراب تملأ أنفه وبإمكانه رؤية السور يمتد
إلى ما لانهاية، يتخطى السماء والنجوم ويعبر صدره حتى منتصف القلب. أدرك أن هكذا
يعشر الطائر الذي تكسرت جناحيه بعد ان طاف العالم شرق وغربا، أو محارب أنكسر سيفه
وهو نائم في البيت فصار فانهزم دون معركة بعد أن قضى عمره في المعارك أو لعله شعور
القارب الذي قطع المحيطات والعواصف ثم أكل حديده الصدأ وتكسرت اخشابه وهو على
المرفأ منتظر.
كان في البداية سؤاله، "متى يأتي
الصباح؟" ثم تحول إلى "هل يأتي الصباح؟". ثم نسي السؤال تماما ..
أحيانا يتذكر تلك الليالي التي كان القمر مؤنسه، كان يأتي كل ليلة مهما طالت ويبقى
حتى شروق الشمس. ولكن يبدو أن السور حجبه
أو رحل .. فكانت النتيجة بأن الصباح لم يعد يأتي والليل صار بدون قمر.
ولكن أحيانا يلوح شبح ضوء يألفه منذ زمن ،
أحيانا تلمع نجمة من بعيد ثم تختفي، يظهر ما يشبه بداية صباح ، يتحرك ما يبدوا
وكأنه قمر خلف سحب ثقيلة. يتساءل لو أنه هناك شيء ما ينتظر.. ولكن يبقى الجرح في
القلب عميق وتبقى الدموع مختلطة بالتراب وكأنها صارت كقيد لا يتحرك يجعله يفقد
الأمل فكل ما يمكن انتظاره.
تمر بعقله خاطرة .. يتذكر حكاية الرجل الذي
عاش حياته وكأنه في غرفة مظلمة بالرغم من أن البحر يمتد من أمامه بكل قوة وفخر حتى
أتاه العصفور وصادقه زمنا ورحل. هل ذلك السور هو مجرد وهم؟ ولكن الجرح لا يكذب ،
لا الألم لا يُتوهم ، ليس بهذه الشدة.
هل يأتيه طائر؟ هل يعود الصباح أو يظهر
القمر؟ لا يعرف .. لا يعرف ولكن رائحة التراب صارت كريهة
No comments:
Post a Comment