كنت أسير في شوارع المحروسة "مصر"
ورأيت طلبة المدارس وهم يعودون إلى دراستهم –قبل بدأ الدارسة بشهر من أجل تلبية
متطلبات المدرسين بالتأكيد أو كما يقال من أجل الدروس – يسيرون وهم يحملون الكتب
وهناك من يقوم بالمراجعة النهاية أو كتابة الواجب في الشارع. لجزء من الثانية
تساءلت لو أنني أريد أن أعود طالب من الجديد .. في البداية تفاجأت أني حصلت على
شهادة جامعية من الأساس فطوال عمري كنت أظن بأن الثانوية العامة هي شيء مستحيل
ومستبعد يخيفون به الأطفال الصغار تماما ك"أمنا الغولة" و "أبو رجل
مسلوخة" ولكني أتفاجأ بأني انتهيت من مرحلة الثانوية العامة –والحمد لله- بل
وحصلت على شهادة جامعية أيضا! متى وكيف و"نعم؟!" كلها أسئلة كانت تدور
في رأسي وانتهت بفكرة حاولت التسلل إلى عقلي ..."هل أريد أعود طالبا من
جديد؟" ولكن بعد جزء صغير من الثانية جاءت "لأا طبعا" قاطعة...
لذلك عذرا للعنوان المضلل ولكن أحيانا الغاية تبرر الوسيلة فإن كنت جئت من أجل
الحنين إلى الماضي أو غضبا من العنوان المستفز ففحالتين "جررت رجلك" وهو
شيء أحيانا يريده الكاتب.
لا أظن بأن أحد يفكر جيدا وهو يتمنى أن نعود صغار
فالحقيقة هي أن كما يقول محمود درويش:
"الحنين استرجاع للفصل
الأجمل في الحكاية:
الفصل الأول المرتجل بكفاءة البديهة
هكذا يولد الحنين من كل
حادئة جميلة
ولا يولد من جرح
فليس الحنين ذكرى
بل هو ما ينتقى من متحف
الذاكرة
الحنين انتقائي كبستاني
ماهر
وهو تكرار للذكرى وقد صُفيت
من الشوائب"
لا أظن حقا بان
طفولتنا أو الماضي عامة كان بهذا الروعة والجمال الذي نظنه دائما ، ولكن دائما ما
كان هناك أزمات ومشاكل حتى ولو تبدو تافهة وصغيرة الآن ولكن في السابق كانت تبدو
وكأنها في وزن العالم كله تماما كما نرى أزماتنا الآن وبعد أعوام قليلة ستبدو تافهة.
الأزمة ليست في أن
الطفولة كانت أجمل و أن الحياة من قرون كانت ألطف. الأزمة حقيقية في اختياراتنا
فلعل الشيء الوحيد الذي تغير حقا هو مدى أيماننا بأحلامنا وأمنياتنا التي لم يكن
لها حدود. ولكن مع الوقت نبدأ في عمل تنازلات ونرضى بالأقل وبعد ذلك نتفاجأ
بالنتائج.
لا أظن بأني سأكون
سعيدا بأن أعود طفل يحلم ويحلم فقط ، يحلم ويفكر كيف انه في يوم سيفعل الكثير،
الأفضل أن أحاول أن أعيش هذه الأحلام حتى ولو كان الواقع محبط وليس كما توقعته
كطفل ولكن على الأقل هناك فرصة أن ربما واحدة من هذه المحاولات ستنجح ولكن ما
الفائدة في أن أعود طفل إذا؟ سيكون هروب أكثر من أي شيء آخر.
دائما ستكون هناك
معركة مع الوقت ، فالحقيقة هي أن الوقت لا يتوقف ولا يمل ولا يصيبه الإحباط ولا
يتعب ولكن نحن نفعل ذلك وعندها يتمكن منا حقا. المشكلة ليست في العمر كرقم ولكن
المشكلة حقا فيما نفعله بهذا العمر.
ففي النهاية أفضل أن أنظر إلى حياتي وأرى أيام صعبة كثيرة أوصلتني إلى ما انا عليه أفضل من أن أكون طفل سعيد بلا سبب ...
No comments:
Post a Comment