الكلمات تضغط وكأنها ماء مطر ينحدر من فوق
جبل بقوة لا يمكن إيقافها، لا صخر ولا الحفر.
من قبل كان لا يحتاج كلماته فللمرة الأولى
منذ وقت طويل كانت العاصفة توقفت والسفن بدأت رحلة هادئة نوعا ما إلى الجزيرة
البعيدة.
تغير الأمر وعادت العاصفة ولكن الكلمات تضعف
السفينة تجعلها مكشوفة، الكلمات تخبر الريح أين نقاط الضعف وأين الضلوع المكسورة
من قلق الليل. الكلمات تخبر كل شيء ولا تبقى أي سر.
يحاول أن يسيطر على كلماته كما يوجه الملاح
شراع سفينته. يحاول أن يعاند الرياح ويمنع الكلمات من أن تفضحه.
ولكن الليل يكون بطيء والماء ينحدر بقوة أكثر
والكلمات تضغط أكثر فأكثر.
يخرج ورقة وقلم ، هل يحكي للقمر ما حدث؟ هل
يكتب يومياته لعل العاصفة تأخذها بعيدا لنجمة باتت بعيدة؟
في النهاية يترك الورقة بيضاء فلا القمر صار
قريبا ولا العاصفة توصل رسالته.
شيء ما مازال يلمع في السماء ، هكذا يخبر
نفسه .. بالرغم من خلو السماء من أي أثر للنجمة إلا أنه يشعر بها بالقرب منه ،
يشعر بها في وسط العاصفة، يشعر بأشاراتها بأن الطريق من هنا .. لا تقلق يوما ستصل.
يحاول أن يقنع نفسه بأن العاصفة ستنتهي قريبا
أو قريبا جدا بشروق شمس يوم جديد أو تتأخر قليلا حتى غروب ، يحاول ويحاول ولكنه
قبله يخبره بالحقيقة التي يحاول أنكارها بأن العاصفة مازالت في البداية وأن السماء
ستظل بدون نجمتها وسيظل القمر بعيدا بعيدا ولكنه لا يكذبه في أمر واحد وهو أن
القلب كذلك يشعر بالنجمة مختبئة في مكان ما بداخله تترك أثراها الصغيرة –التي صارت
مؤملة بعد الشيء- مع كل حركة يتحركها.
تسأل كم يوم كم مر؟ هكذا سأله القلب، وكانت الإجابة
بأن العدد لا يبدوا واضحة شيئا ما بين الأربعين والخميس عاما، هكذا تقاس الليالي
الطويلة بالأعوام وليس الأيام والساعات.
ها قد فعلها وخرجت كلماته في وسط العاصفة ،
خرجت تائهة كمركب صغيرة للصيد وجدت نفسها في وسط عاصفة في محيط كبير ، والنجمة
شمال تبدو بعيدة، بل أبعد ما يكون ...
No comments:
Post a Comment