لا أظن بأني خرجت عن عالم قصص منذ وقت طويل
في مدونتي ولكن أظن أحيانا هناك أمور تستحق حتى ولو أن الخيال أفضل ولكننا نعيش في
الواقع.
لم أفهم أبدا المنطق من المناظرات، لا أفهم
لماذا أحتاج أن أبذل لمجهود لأثبت أنك خطأ وأني على صواب. لا أفهم فكرة تحديد
الخطأ والصواب بهذه الطريقة. والمصيبة أن نتعامل مع الدين بهذا المنطق وكأننا
بإمكاننا تحويل الدين إلى النقاط محدودة نضع بجانبها صح أم خطأ.
لا أظن بأن هناك أي شيء يتغير بمنطق
"المناظرات" فالأطراف كل منهم على موقف معين مستعد بحججه وحججه المضادة،
كل طرف لن يتزحزح عن أنه على كامل الصواب وخصمه هو عين الخطأ والمشاهدين لتلك المناظرة
حسموا أمرهم من البداية، هم فقط يريدون أن يسمعوا ما يريحهم ويجعلهم يرتاحون من أي
سؤال قد يؤرقهم في الليل. كل طرف سيرى أن أدلته كانت أقوى وأوضح وأن الطرف الآخر
أضعف وأكثر جهالا.
الفكرة ليست أثبات الصواب والخطأ، فنحن لن
نصل أبدا إلى معرفة ذلك مهما حاولنا فدائما ما سيكون هناك نسبة خطأ ولكن يمكن تداركها
بالمحاولة الدائمة للوصول إلى الحق. ما نحتاجه هو حوار، ما نحتاجه هو كل طرف أن
يشرح كل ما يؤمن به في البداية وبعد ذلك نبدأ نرى المتشابه والمختلف وفي النهاية
ليس هناك أنت على خطأ وأنا على صواب بل أنت أخترت ذلك وأنا اخترت هذا، انت على علم
بما أؤمن به وأنا على علم بما تؤمن به ولكل منا حق الاختيار في النهاية. المعارك
يختلط فيها كل شيء بل أحيانا ننسى لما بدأنا الحرب. لن يعترف احد ابدا في منتصف
المعركة أنه تعرض لهزيمة، لن يقول طرف انا لست على يقين من هذه النقطة وبحاجة إلى
مراجعة وأني أخطأت عندما قلت كذا.
أظن بأن أكبر المشاكل التي تواجهنا هي ثقافة
الخوف من طرح الأسئلة، الخوف من عدم إيجاد إجابات كافية، بداخل كثير منا هذا الخوف
وأظن بأن المعتاد هو أن يدفن هذا الخوف ومعه جميع التساؤلات على مسافات بعيدة وكأن
الدين هو تعاليم ثابتة تورث مع الزمن. ما حدث هو أن كل دين أصبح له فريق يقوم
بتوريث أفعال وأفكار ثابتة وبدأت المعارك تدور على هذه الثوابت التي في الأغلب
بعيدا عن حقيقة الدين أو هي فروع منه. انه بحاجة إلى طرح العديد والعديد من
الأسئلة لأنفسنا قبل غيرنا بحاجة البحث والتفكير وبعد ذلك نبدأ في حوار وليس
معارك.
في النهاية أظن بأننا لو حاولنا أن نتحاور مع غيرنا ونتعرف على
حقيقة الأديان والمعتقدات سنجد أن نقاط الاختلاف والاتفاق واضحة وليس لها صلة
بالصواب والخطأ بل في النهاية ستكون قرار شخصي بما تراه أنت صواب وما تراه خطأ وما
تصدق أنت به ولا تصدق به ، ما تقتنع به وما لا تقتنع. لذا نحن لسنا بحاجة إلى من
يقوم بمعارك من أجلنا ليثبت أننا الحق بل حاجة إلى حوار ولكل منا الحق في
الاختيار.
No comments:
Post a Comment