" انا همشي كام يوم."
"طيب."
لم تفهم ما حدث. وتعجبت أكثر أن ينتهي كل شيء بسبب شجار
سخيف ويقرر أن يتركها ويرحل. وهو لن يتركها هي فقط بل وهي الطفل الذي ينمو في أحشاءها.
هما لم يتحدثا منذ يومين. كان شجارا عاديا وكانت تظن أنه سيمر عدة أيام ثم يعود كل
شيء إلى سابق عهده. هذه ليست المرة الأولى التي يتشاجرا فيها وليست الأكبر حتى ..
إذا ماذا حدث؟ّ!
بالتأكيد هو الملل. هذه هي طبيعة الحياة عندما يمل
الإنسان من شيء يتركه ببساطة. كمن بدأ في قراءة كتاب وبعد عدد من الفصول يشعر
بالملل ويتركه أو من يشاهد فيلم أو مسرحية أو حتى يلعب لعبة عندما يشعر بالملل
يبحث عن غيرها. الملل داء كصدأ الحديد الذي يجعله يتآكل حتى يسقط أو ربما يرحل.
ربما شجارنا اليومي أصابه بالملل.... ولكنه يقرأ الكتاب لنهايته حتى ولو أصابه الملل
، نعم كان من الممكن أن يتحدث معي بشأن مشكلة ما أو لو شيء جعله يشعر بالملل فحتى
لو كنا نتشاجر في الصباح فلا تمر ساعات قليلة إلا وتأتي جلسة القهوة في المساء وقد
تبددت كل الغيوم ... لا لا ليس هو الملل.
بالتأكيد هي "صديقته" الجديدة في العمل. هو
يقول أنها مجرد زميلة وأنها الظروف هي التي جمعتهم ولكن نظاراتها ليست نظارات
زميلة ولا تخص العمل حتى. بالتأكيد أقنعته واحتالت عليه كالتاجر الذي يريد بيع
بضاعة فاسدة بأعلى سعر ، أقنعته أن يجرب البضاعة الجديدة حتى ولو "كام
يوم" فقط. لم أرتح لها منذ اخبرني بشأنها. فهو يقضي ساعات طويلة في ذلك
"العمل" والوقت يغير أي شيء، مع الوقت الماء يجري في الصخر! ولكن مهلا
لا ينبغي أن أكون هذا النوع من الزوجات. فهو الذي أخبرني بشأنها بل وأصر بالرغم من
رفضي التام أن أتي معه في العشاء الذي أٌقامه مديره في العمل لأتأكد بنفسي أنه ليس
هناك ما يدعوا للشك. كما أني أظن أنه بالشجاعة الكافية ليخبرني لو أنه حدث أمر
مماثل.
إذا بالتأكيد شعر بالخوف مع تقدمي في الحمل وزيادة
المسئولية. أي زوج قد يخاف من مسئولية مماثلة. فالطفل يعني مصاريف زائدة وبالتأكيد
شعر بأني سأتحول من حبيبته إلى أم أبنه وربة البيت وطباخة البيت وشغالة البيت
أيضا! بالتأكيد أراد أن يهرب من هذا الكابوس ولعله يبحث عن بداية جديدة. كما أننا
تأخرنا في هذا القرار ولعله تعود على أن نكون نحن الأثنين فقط معا. ولكننا أتخذنا
ذلك القرار معا أيضا. وكان كلانا يشعر حقا أنه الوقت المناسب وأنهم على أتم
استعداد لهذه الخطوة الهامة وأنه لا ينبغي أن يتحول الأمر إلى كابوس مثل كثير من
الناس بل شعروا أنهم بحاجة إلى طفل صغير بعنين واسعتين يخفف أنهم همومهم. ما المشكلة
إذا؟
ظلت تستعيد كل شجار وكل جملة هي وهو قالوها وكل موقف حدث
طوال السنين الثلاثة الفائتة. لم تستطيع أن تتوصل إلى سبب مقنع لذلك مالت إلى أنها
الخيانة ... لذلك شعر بتهديد كبير ولم تجد سوا حل واحد فقط .....
كان الوقت تأخر وقد سهرت حتى وقت متأخر تراقبه فهدوء وعندما
توجه إلى غرفتهما توجهت خلفه وهي تخفي شيء وراء ظهرها.
وعندما شعر بها تدخل الغرفة وجدته يحرك شفتيه ليقول لها
شيئا:
"حبيبتي انا همشي بكرا الصبح بقى زي ما قلتلك عشان
متاخرش على ماما. الفرح هيكون بدري وانا هوصلها هي والعيال. عايزة حاجة وانا
جاي؟"
" آه الفرح ! لا حبيبي عايزة سلامتك..."
خرجت من الغرفة وهي تبتسم كطفل كان على وشك أن يرتكب
مصيبة ولكن الأمور سارت في صالحه وحالت دون أن يتم مصيبته ووضعت السكين في مكانها
في المطبخ ثم عادت إلى الغرفة لتنام في هدوء كالملائكة....
No comments:
Post a Comment