منذ ذلك اليوم وقرر ألا يقف أمام المرآة أبدا
فهو لا يثق في الانعكاس الذي سيظهر له. عاش زمن يهرب من الحوائط ويمشي في وسط
الشارع ولا يدخل أي بيت أبدا. عاش هكذا لأعوام طويلة حتى نسي شكله ونسي من يكون
ومازال يمشي في وسط الشارع حتى فاجأته مرآة أمامه في الشارع. لم يستطع أن يتحرك أو
يهرب أصابه الشلل من فرط المفاجئة. نظر بقوة في المرأة لكنه لم يرى شيئا على
الإطلاق. وبدأ حوار عجيب مع المرآة ...
الإنسان: أين انعكاسي؟
المرآة: بل أسأل أين الأصل قبل أن تسأل عن
الصورة
الإنسان: ما شاء الله مرآة فيلسوفه يبدو أنني
لم أخطأ عندما قررت أن أهرب من أمثالك
المرآة: واضح أنك فشلت في مسعاك هذا
الإنسان: كيف وصلتي إلي ؟ كيف وصلتي إلى
منتصف الطريق حيث لا حائط ولا بيت ولا أي شيء؟
المرآة: وهل تظن حقا بأنني جئت إليك وليس
العكس
الإنسان: يبدوا أن ذكائك محدود ,أنا أهرب منك
منذ أعوام لماذا فجأة أقرر أن آتي إليك؟ّ!
المرآة: لعلك تريد أن تعود
الإنسان: أعود إلى أين ولمن؟ أنا لا أعرف أحد
ومكاني في منتصف الشارع
المرآة: هل تعرف أني أستطيع أن أريك أنعاكسها
وهي تقف في الشارع الآخر
الإنسان: م م ماذا ؟ ماذا ؟ هل هذا معقول ؟
كيف ؟ ألا يجب توافر الأصل ؟
المرآة: يبدوا أن تعرف أشخاص في النهاية
الإنسان: من فضلك لا تعبثي معي أنا لا أتحمل
المرآة: وهل تعرف حقا إذا ما كنت تتحمل أم لا
؟ هل تعرف أصلا من تكون؟
الإنسان: نعم أعرف جيدا ولذلك قررت أن أهجر
المرايا في هذا العالم
المرآة: هل هذا معناه أنك لا تخاف من أن اريك
صورتك ؟
الإنسان: عدنا للألعاب من الجديد , من فضلك
احترمي سنين عمري التي ضاعت في الهرب
المرآة: من قال أي شيء عن قلة الاحترام
الإنسان: حسنا حسنا كفى مزاح, أريني شكلي
الآن مرت أعوام وأعوام وأنا أخاف من هذا اليوم
المرآة: يالك من إنسان ضعيف , أضعت عمرك في
الهرب من لوح صغير لامع يشبه الزجاج ولا يريك غير حقيقتك!!
الإنسان: يالا وقاحتك!! من أنت حتى تتهميني
بمثل هذه التهم ؟
المرآة: أنا أعرفك من يوم ما كنت تقف أمامي
لتقول كلماتك وخطاباتك أمامي قبل أن تلعن الدنيا وما فيها وتقرر الهرب
الإنسان: من فضلك احترمي سرية ذكرياتي
وأتركيني أهرب في سلام , أو أريني شكلي .. نعم ,, نعم أريني شكلي
المرآة: هل تريد صورتك أم صورتها ؟ أو
صورتكما معا؟
الإنسان: أتمنى أن تحترقي الآن وتشاهدي
أنعاكس النار وأنتي في وسطها
المرآة: كل هذا لأني أريد سعادتك؟
الإنسان: أنت تريد موتي هذه المرة , ألا يكفي
أن هربت عمري كله!!
المرآة: حسنا حسنا , هل تريد أنت ترى ذلك
الطفل ؟ الطفل الذي كان يقف في وسط الحقل ويصيح بأعلى صوته أن هذا الحقل ملكه
وقريبا سيكون العالم كله ؟
الإنسان: كم أكره ذلك الطفل , كان أحمق لا
يعرف حقيقة العالم , كان يقف أمامك ليلا ونهارا ينظر في عينيه ويتعمق كثيرا وكثيرا
حتى يصل إلى أعماق النجوم والمجرات بل ويتعدى الزمن في انعكاساتك الخبيثة وفجأة
يجد يغير كل شيء ويقوم بكل شيء ويطير في كل سماء وهو ينظر في انعكاس عينيه, حتى
أصابه لعنتك وأصبح يخاف النظر ومن بعدها وهو يهرب لا يريد النجوم ولا المجرات ولا
حتى الزمن ,,,, اتركيني في حالي الآن , اتركيني
المرآة: كان قرار أحمق , الطفل الذي كان يقف
أمامي كنت أشعر بالخوف أمام نظراته أما أنت لا تقوى حتى على النظر في عينيك
الإنسان: فقط أصمتي واتركيني أهرب , أو أريني
انعكاسي لا يهم
المرآة: بقى سؤال يريد إجابة , لماذا لا
تستطيع أن ترى صورتك الآن؟
الإنسان: لا أعرف
المرآة: نعم لأنك أحمق, عد لأول إجابة أجبتك
بها , أبحث عن الأصل أيها الأحمق
6 comments:
brilliant!
شكرا :)
حلوة دى يا ترى اللى جاية هتكون عن ايه؟
بكتب في الجاية :) في اي اقتراحات ؟
يعنى ممكن تكتب عن تجربتك فى بلاد الغربة والكلام ده :)
el 2sloob feeha baseet oo el 7war 7lw 5lanee 3aiza 23raf eh el hy7sal oo el nhaya gmeela.. 7lw 2nak 3rft twsal el message min el 7war bas kman
Nahla
Post a Comment