عندما كنا صغارا كان المكان الأكبر في حياتنا هو البيت.
كان البيت هو "المكان" كان يبدو وكأنه قارة بأكملها تضم كل أشكال الحياة
وكل بداية أو نهاية تبدا من نقطة ما في ذلك المكان. البيت في تلك المرحلة هو كل
شيء وبعد ذلك نكبر قليلا فنضطر لنسافر أو نبتعد حتى فترة قليلة لمدة أيام أو
أسابيع أو حتى شهور قليلة لنتكشف مدى تعلقنا بهذا المكان وأن الحياة بدونه مستحيلة
وكأنه سمكة خرجت من الماء أو انسان تم نفيه خارج الغلاف الجوي ويحاول جاهدا أن
يعود في نفس اللحظة حتى لو يعني ذلك أن يركب قطار في منتصف الليل أو حتى يسافر على
قدميه فالمهم هو الوصول للمكان الأهم وهو البيت.
في مرحلة ما يضطر الطفل أن يكبر ومع ذلك الأمر يكتشف أن
هناك أماكن جديدة ظهرت في حياته ليست بالطبع بأهمية المكان الأول ولكنها أصبحت جزء
من حياته. بعد ذلك يضطر الانسان للسفر أن يرحل ويبتعد قد يكون البعد ملموس وحقيقي
بالمسافات وقد يكون بعد في أن يظل الانسان يدور ويدور على أماكن أخرى. ولكن في
النهاية وبعد أعوام يكتشف بأن الفكرة المكان الأوحد تغيرت فكل مكان صار يحمل جزء
ما ، كل ما يحمل ذكرى وصورة قد تكون اختفت او تغيرت أو حتى بقية كما هي. يتحول المكان إلى الأول من قارة كاملة إلى جزيرة
في وسط محيط ، جزيرة يفر إليها الإنسان من علو الأمواج والمحيط الذي لا يهدأ.
جزيرة في وسط الريح والأعاصير نفر منها في كهف ربما ونرحل في قارب صغير لنجد كل
الأماكن تحولت إلى جزر أصغر. نكتشف بأن جزء من الضريبة الزمن هو التشتت وكأن في
جزء ما من عمر الإنسان جزء من قلبه كان من الزجاج وتكسر ويظل بقية حياته يحاول أن
يجمع قطعة من كل مكان ويضعها في مكانها ولكن مهما جمع تبقى قطع ناقصة ويبقى الزجاج
مشروخ.
No comments:
Post a Comment