فجأة لا يدري كيف حدث هذا؟ بعد كل هذه السنين
والشهور والليالي .. بعد كل هذا السهر والأحاديث الطويلة والوعود فاجأته حقيقة
بسيطة جدا هي أن القمر بعيد جدا ، هو لا ينتمي للأرض ولا للسماء حتى بل يفصل
بينهما غلاف جوي يمتد لمسافات طويلة وبعد ذلك السماء ومن ثم فراغ كبير قاتل ، فراغ
تتحرك فيه صخور صامته أو كويكبات صغيرة ضلت طريقها أو بقايا قمر صناعي ، فراغ لا
ينقل صوت أو حياة ، ولكي يكون على أكثر دقة المسافة بينه وبين القمر تمتد لآلاف الكيلومترات.
متى حدث ذلك؟ لا يعلم. لماذا لم يكتشف الأمر من قبل؟ لا يعلم أيضا. بدأ يشك لو ان
الكون بالفعل يتمدد إذا فالقمر لعله يبتعد أكثر فأكثر. ولكنه كان يتذكر كيف أن في
بعض الليالي كان بيدوا أكبر وكيف أنه كان النور الوحيد في تلك السماء الكئيبة،
فجأة يكتشف أنه لا ينتمي لهذه السماء من الأساس! بدأ يتساءل لو أن تلك الرسائل
كانت تصله أم أنها كانت تسقط في ذلك الفراغ الرهيب. ظل يسأل نفسه كيف كان يظن بأن
القمر ينتمي في مكان ما بين قلبه وعينيه وأنه على ثقة أنه اقرب لقلبه ليكتشف بعد
ذلك أنه بعيد ، بعيد أكثر من تأخذه قداماه في هذه الحياة. كانت الدقائق تمر بعد
اكتشافه الرهيب والتي تجعله يتساءل لو أن القمر هو الذي يعيش في فراغ قاتل أم هو
الذي كذلك.
نظر إلى السماء فوجد ابتسامة القمر تجعله
يشعر كمن سافر وترك أهله من أجل حرب لم يدرك حقيقتها، فالابتسامة أجمل ما رآه قلبه
في حياته وأشدها قسوة أيضا لأنها بعيدة ، بعيدة جدا، أبعد من امتداد قلبه. ولكنه
يحدث القمر على أي حال لعل الحرب تنتهي يوما دون أن تتعمق الجراح أكثر.
1 comment:
ذكرتني بقصيدة كتبها يوما عن القمر وهذا الوهم الكبير
تحياتي :)
Post a Comment