هل كان الوقت ليلا أم نهارا؟ لا أتذكر.. هل كانوا كثيرا
أم قليلا؟ لم أرى سوى أشباحهم , كم أتمنى لو أن هذه الأشباح تبقى ولكنها تظهر
وتختفي. هل كان ذلك حقا أنا؟ أم هي ذكريات شخص آخر اختلطت بذكرياتي؟ لم يعد الأمر
واضحا...
تخيلت يوما لو أن اللون الأبيض أختفى تماما ولكن الأسوأ حدث..
لم أعد أميز اللون الأبيض، أعلم بأن في وقت ما أختلط الأبيض بالأسود وتبقى الرمادي
الكئيب، لا هو أسود فأعرفه وأحاربه ولا هو أبيض فأمشي بجانبه.. رمادي يسرق الحياة
بطيئا بطيئا.. أحيانا يعود الأبيض بلمعانه القديم رائعا كالقمر فعرفه وأفر إليه
وأحيانا يظهر الأسود فأعود للسيف الذي طالما حملته وأزيل عنه التراب والصدأ وأنطلق
من جديد, ويظهر الرمادي وعندها يتوقف كل شيء، لا القمر يظهر ولا السيف يلمع، سكون
وهدوء كئيب فقط... يشبه الموت كثيرا...
كان البحر جميلا ، يعلو ويعلو والموج كان قويا ولكنه ظل
جميلا. كان يقترب من السماء أحيانا ولكنه في شدته تلك يبدوا كأب يعلم أبنه كيف أن
الحياة ستكون شديدة لكي لا يهدأ ويضعف. تغير البحر ولم نعد أصدقاء , صار هادئا ،
لا موج ولا علو ، كماء راكد في بحيرة قديمة لا يتحرك إلا إذا سقط شيئا فيه .. لا
لم نعد أصدقاء..
أظن بأن الوقت قد حان لكي أجمع أوراقي ، كنت أظن بأن ذلك
اليوم لن يأتي أبدا ، كنت اظن بأني القوانين ستتغير ولكن يمكنني أن أرى كثير من
العيون الآن تنظر وتقول "ألم نحذرك يا أحمق" "هل ظننت حقا بأن
القمر والبحر أكثر من تراب وماء؟" "القاعدة تسري على الجميع لا استثناءات"
...
ما يجعلني أنتظر قليلا قبل البدأ في حرق الأوراق هو أنه
مازال يظهر من وقت لآخر _بالرغم من أنه كان موجود دائما في يوم_. يظهر كسهم جاء
ليسقط أمام قائد في المعركة ضل الطريق وفقد جنوده ونسي الحرب وجاءه سهم من السماء
ملطخ بالدماء ليذكره بما خرج من أجله فيمتطي جواده ويخترق الأشجار الثقيلة لعله في
يوما يصل. أحيانا يظهر , ولكن النفق لم يعد نفقا صار محبسا وطريقا موحشا، أحيانا
يظهر ويقول "لا تستسلم أنت الان في المنتصف ، لا تعود ، لا تعود ، ستصل"
ولكنه يختفي من جديد في ظالم موحش ، في محبس له جدران برائحة كريهة وسلاسل صدأة،
صرت أخاف أن أستيقظ لأجده قد رحل وأكتشف أنه كان مجرد حلم عابر والحقيقة هي ذلك
الكابوس الذي أظنه مجرد حلم...
ولكن للحظة أفكر لعله هو أيضا ينتظرني أن أتي إليه كما
أنتظره أن يظهر لي ، لعله يقول لنفسه أنه فقط سيظهر إذا كان الأمر يستحق ، السيف
صار صدأ والطريق تلاشى ولكن من السهل صنع طريق جديد من السهل صقل الحديد ولكني
أنسى ذلك الأمر دائما...
أظن بأني ظلمت القمر والبحر وذلك الضوء ... مازلتم كما
كنتم أن من تغير فقط
No comments:
Post a Comment