Saturday, April 18, 2015

عندما يتحول الدين إلى معركة


لا أظن بأني خرجت عن عالم قصص منذ وقت طويل في مدونتي ولكن أظن أحيانا هناك أمور تستحق حتى ولو أن الخيال أفضل ولكننا نعيش في الواقع.
لم أفهم أبدا المنطق من المناظرات، لا أفهم لماذا أحتاج أن أبذل لمجهود لأثبت أنك خطأ وأني على صواب. لا أفهم فكرة تحديد الخطأ والصواب بهذه الطريقة. والمصيبة أن نتعامل مع الدين بهذا المنطق وكأننا بإمكاننا تحويل الدين إلى النقاط محدودة نضع بجانبها صح أم خطأ.
لا أظن بأن هناك أي شيء يتغير بمنطق "المناظرات" فالأطراف كل منهم على موقف معين مستعد بحججه وحججه المضادة، كل طرف لن يتزحزح عن أنه على كامل الصواب وخصمه هو عين الخطأ والمشاهدين لتلك المناظرة حسموا أمرهم من البداية، هم فقط يريدون أن يسمعوا ما يريحهم ويجعلهم يرتاحون من أي سؤال قد يؤرقهم في الليل. كل طرف سيرى أن أدلته كانت أقوى وأوضح وأن الطرف الآخر أضعف وأكثر جهالا.
الفكرة ليست أثبات الصواب والخطأ، فنحن لن نصل أبدا إلى معرفة ذلك مهما حاولنا فدائما ما سيكون هناك نسبة خطأ ولكن يمكن تداركها بالمحاولة الدائمة للوصول إلى الحق. ما نحتاجه هو حوار، ما نحتاجه هو كل طرف أن يشرح كل ما يؤمن به في البداية وبعد ذلك نبدأ نرى المتشابه والمختلف وفي النهاية ليس هناك أنت على خطأ وأنا على صواب بل أنت أخترت ذلك وأنا اخترت هذا، انت على علم بما أؤمن به وأنا على علم بما تؤمن به ولكل منا حق الاختيار في النهاية. المعارك يختلط فيها كل شيء بل أحيانا ننسى لما بدأنا الحرب. لن يعترف احد ابدا في منتصف المعركة أنه تعرض لهزيمة، لن يقول طرف انا لست على يقين من هذه النقطة وبحاجة إلى مراجعة وأني أخطأت عندما قلت كذا.
أظن بأن أكبر المشاكل التي تواجهنا هي ثقافة الخوف من طرح الأسئلة، الخوف من عدم إيجاد إجابات كافية، بداخل كثير منا هذا الخوف وأظن بأن المعتاد هو أن يدفن هذا الخوف ومعه جميع التساؤلات على مسافات بعيدة وكأن الدين هو تعاليم ثابتة تورث مع الزمن. ما حدث هو أن كل دين أصبح له فريق يقوم بتوريث أفعال وأفكار ثابتة وبدأت المعارك تدور على هذه الثوابت التي في الأغلب بعيدا عن حقيقة الدين أو هي فروع منه. انه بحاجة إلى طرح العديد والعديد من الأسئلة لأنفسنا قبل غيرنا بحاجة البحث والتفكير وبعد ذلك نبدأ في حوار وليس معارك.

في النهاية أظن  بأننا لو حاولنا أن نتحاور مع غيرنا ونتعرف على حقيقة الأديان والمعتقدات سنجد أن نقاط الاختلاف والاتفاق واضحة وليس لها صلة بالصواب والخطأ بل في النهاية ستكون قرار شخصي بما تراه أنت صواب وما تراه خطأ وما تصدق أنت به ولا تصدق به ، ما تقتنع به وما لا تقتنع. لذا نحن لسنا بحاجة إلى من يقوم بمعارك من أجلنا ليثبت أننا الحق بل حاجة إلى حوار ولكل منا الحق في الاختيار. 

Friday, April 10, 2015

سيرحل


" انا همشي كام يوم."
"طيب."
لم تفهم ما حدث. وتعجبت أكثر أن ينتهي كل شيء بسبب شجار سخيف ويقرر أن يتركها ويرحل. وهو لن يتركها هي فقط بل وهي الطفل الذي ينمو في أحشاءها. هما لم يتحدثا منذ يومين. كان شجارا عاديا وكانت تظن أنه سيمر عدة أيام ثم يعود كل شيء إلى سابق عهده. هذه ليست المرة الأولى التي يتشاجرا فيها وليست الأكبر حتى .. إذا ماذا حدث؟ّ!
بالتأكيد هو الملل. هذه هي طبيعة الحياة عندما يمل الإنسان من شيء يتركه ببساطة. كمن بدأ في قراءة كتاب وبعد عدد من الفصول يشعر بالملل ويتركه أو من يشاهد فيلم أو مسرحية أو حتى يلعب لعبة عندما يشعر بالملل يبحث عن غيرها. الملل داء كصدأ الحديد الذي يجعله يتآكل حتى يسقط أو ربما يرحل. ربما شجارنا اليومي أصابه بالملل.... ولكنه يقرأ الكتاب لنهايته حتى ولو أصابه الملل ، نعم كان من الممكن أن يتحدث معي بشأن مشكلة ما أو لو شيء جعله يشعر بالملل فحتى لو كنا نتشاجر في الصباح فلا تمر ساعات قليلة إلا وتأتي جلسة القهوة في المساء وقد تبددت كل الغيوم ... لا لا ليس هو الملل.
بالتأكيد هي "صديقته" الجديدة في العمل. هو يقول أنها مجرد زميلة وأنها الظروف هي التي جمعتهم ولكن نظاراتها ليست نظارات زميلة ولا تخص العمل حتى. بالتأكيد أقنعته واحتالت عليه كالتاجر الذي يريد بيع بضاعة فاسدة بأعلى سعر ، أقنعته أن يجرب البضاعة الجديدة حتى ولو "كام يوم" فقط. لم أرتح لها منذ اخبرني بشأنها. فهو يقضي ساعات طويلة في ذلك "العمل" والوقت يغير أي شيء، مع الوقت الماء يجري في الصخر! ولكن مهلا لا ينبغي أن أكون هذا النوع من الزوجات. فهو الذي أخبرني بشأنها بل وأصر بالرغم من رفضي التام أن أتي معه في العشاء الذي أٌقامه مديره في العمل لأتأكد بنفسي أنه ليس هناك ما يدعوا للشك. كما أني أظن أنه بالشجاعة الكافية ليخبرني لو أنه حدث أمر مماثل.
إذا بالتأكيد شعر بالخوف مع تقدمي في الحمل وزيادة المسئولية. أي زوج قد يخاف من مسئولية مماثلة. فالطفل يعني مصاريف زائدة وبالتأكيد شعر بأني سأتحول من حبيبته إلى أم أبنه وربة البيت وطباخة البيت وشغالة البيت أيضا! بالتأكيد أراد أن يهرب من هذا الكابوس ولعله يبحث عن بداية جديدة. كما أننا تأخرنا في هذا القرار ولعله تعود على أن نكون نحن الأثنين فقط معا. ولكننا أتخذنا ذلك القرار معا أيضا. وكان كلانا يشعر حقا أنه الوقت المناسب وأنهم على أتم استعداد لهذه الخطوة الهامة وأنه لا ينبغي أن يتحول الأمر إلى كابوس مثل كثير من الناس بل شعروا أنهم بحاجة إلى طفل صغير بعنين واسعتين يخفف أنهم همومهم. ما المشكلة إذا؟
ظلت تستعيد كل شجار وكل جملة هي وهو قالوها وكل موقف حدث طوال السنين الثلاثة الفائتة. لم تستطيع أن تتوصل إلى سبب مقنع لذلك مالت إلى أنها الخيانة ... لذلك شعر بتهديد كبير ولم تجد سوا حل واحد فقط .....
كان الوقت تأخر وقد سهرت حتى وقت متأخر تراقبه فهدوء وعندما توجه إلى غرفتهما توجهت خلفه وهي تخفي شيء وراء ظهرها.
وعندما شعر بها تدخل الغرفة وجدته يحرك شفتيه ليقول لها شيئا:
"حبيبتي انا همشي بكرا الصبح بقى زي ما قلتلك عشان متاخرش على ماما. الفرح هيكون بدري وانا هوصلها هي والعيال. عايزة حاجة وانا جاي؟"
" آه الفرح ! لا حبيبي عايزة سلامتك..."

خرجت من الغرفة وهي تبتسم كطفل كان على وشك أن يرتكب مصيبة ولكن الأمور سارت في صالحه وحالت دون أن يتم مصيبته ووضعت السكين في مكانها في المطبخ ثم عادت إلى الغرفة لتنام في هدوء كالملائكة....