يومياتي العزيزة،
اليوم قررت تسجيل نهار عادي. قد يكون السبب هو النهار نفسه أو قد يكون هربا من تسجيل نهار غير عادي، مما سيتطلب من الكاتب اعترافات غير عادية قد تُستخدم في إدانته لاحقا في قضية ما أو في ليلة طويلة يحاول فيها الهرب من الأحداث غير العادية.
أعود إلى أحداث النهار. اتجهت صباحا إلى وسط المدينة حيث المقاهي المفضلة لدي، والقهوة التي تشبه في مرارتها تلك الأيام التي قد لا تبدو سهلة ولكنها تدفعنا للحياة أكثر. كان الجو ربيعياً وهناك مطر خفيف فهو جو جميل بالنسبة إلى مدينة تقع في شمال أوروبا وقد يبدو الجو شتويا قليلا بالنسبة إلى المدينة التي أتى منها الكاتب. قطعت الميدان الواسع سريعا بدون سبب واضح، ربما توفيرا للعمر. وصلت للمقهى وبمجرد أن فتحت الباب حدث الموقف العادي الذي أردت تسجيله.
فتحت الباب وقبل أن أتم فتحه وجد جسد ضئيل يقف خلف الباب. سيدة عجوز تقف خلف الباب باسمة وممسكة بالباب. كنت على وشك ان أصدمها بالباب فتوقفت، ابتسمت وحاولت أن أعتذر بلغة قد تكون مشتركة بيننا. أتضح لي أنها لا تفهم تلك اللغة، وتتحدث لغة البلد، التي لا أعرف منها سوى كلمتي "أهلا" و"شكرا" ولم أشعر أنها الكلمات المناسبة في ذلك الموقف. قبل أن اتجه إلى القهوة، دار بيننا حوار سريع بدون كلمات وكأن أحدانا قال نكتة عن أني كنت على وشك أن اصدمها بالباب تبادلنا الابتسامات والنظرات الممتنة لذلك النهار الربيعي ورائحة القهوة التي تنتظرني. هل كانت تريد أن تحكي لي عن ابنها الذي في مثل حجمي وكان أطول من أبيه؟ ربما كانت تريد أن تخبرني عن زوجها الذي كان يأتي معها كل صباح ليتصفحا الجريدة اليومية. لم يحدث ذلك الحوار، فقط اكتفيت بابتسامة وحركات نحاول أن نتصاول بها دون لغة. لا أعلم لماذا، ولكن تلك المواقف العادية من التواصل البشري تجعلني دوما أشعر بشيء غير عادي اتجاه البشر واتجاه حياتنا معا على نفس الكوكب وكأن هنا شيء ما خفي يجمعنا كلنا بغض النظر عن اللغة والبلد. لثانية شعرت وكأنها جدتي بابتسامتها التي تجعلني أردد من دون أن اشعر بأن العالم بخير، ولا أخفي على يومياتي العزيزة أني أفتقد تلك الابتسامة كثيرا.
ربما للقصة بقية ولكني سأكتفي بهذا القدر، وحتى لقاء آخر في نهار أو ليل عادي.
No comments:
Post a Comment