اعتدلت في جلستها وأمسكت كوب اللبن الدافئ وتخيلت لدقائق أنه فنجان القهوة اليومي الخاص بها بالرغم من أن القهوة تؤلم معدتها ولكن بالطبع لا تؤلم خيالها. وبحركة سريعة أمسكت قطعة الشكولاتة وكأنها سيجارة الصباح ونظرت إلى الورق الموضوع أمامها نظرة تأمل وقالت لنفسها بصوت هادئ في مشهد تحاول أن تجعله سينمائي : " حان وقت الكتابة".
بدأت تكتب "كان القمر في تلك الليلة
.." ثم توقفت وبدا على وجهها علامات الغضب ونظرت إلى سور البلكونة فوجدت
عصفور صغير صبت عليه غضبها وقالت له: "القمر من جديد ! كل القصص عن القمر !
بدلا من أن أكون أديبة فيلسوفة أو أديبة الحارة المصرية أصبح أديبة القمر .. أي
سذاجة تلك! رد أيها العصفور .. رد." عادت للكتابة وبدأت من جديد وكتبت:"
كان البحر غاضبا والسماء مظلمة و.." ثم نظرت للعصفور من جديد وقالت : "
ولا أدري حقا ، ما فائدة البحر والسماء بدون القمر. كأنني أكتب قصة الفرسان
الثلاثة بفارسين فقط، بالطبع لا يجوز!". ظلت تنظر إلى العصفور والسماء وهي
تشرب كوب القهوة المتخفي في شكل كوب لبن والسيجار الشكولاتة وكانت تنظر إلى السماء
وهي تغرب منتظرة قدوم القمر لتناقش معه المشكلة وجها لوجه. مرت على وجهها نسمة
هواء باردة تحمل رائحة الربيع. نظرت إلى
العصفور من جديد وقالت له متسائلة: "كعصفور ، ما رأيك في حل هذه المشكلة ؟
كيف أكتب بدون أن يظهر القمر في وسط القصة؟" ولكن العصفور طار قبل أن يجيبها
...
كانت السماء رائعة كعدتها وترسم ابتسامة جميلة
بالنجوم اللامعة .. لم يأتي القمر ، هل يشعر بالحزن؟ هكذا تساءلت وهي تنهي كوب
اللبن. قامت من مكانها واستندت على سور البلكونة ونظرة إلى السماء حيث الابتسامة
مرسومة وقالت بصوت هادئ: "اعتذر لك يا صديقي ، سأترك لك باقي الشكولاتة و أظن
بأني لن أكتب اليوم سأنتظرك في الغد .. أو بعد الغد .. أو مهما طال الأمر ..
" رأت عصفور يطير بعيد فلوحت له وتركت الورق والاقلام وهي تبتسم ابتسامة تشبه
تلك التي في السماء. وتركت ورقة بيضاء تظهر عليها رسمة قمر كبير وكتبت تحتها على
القارئ تخيل قصة مناسبة لأن الكاتب لم يجد واحدة..
No comments:
Post a Comment