"ما هذا؟ يبدو أن الطريق طويلا حقا، لم
يكن يخدعني إذا عندما كان يشتكي من المشي وأن الطريق طويلا...
لماذا لم ألاحظ هذا الأمر من قبل؟"
كانت تقول لنفسها ذلك وهي تمشي مسرعة بمحاذاة
أسوار المباني التي تطل على النيل والأمن يحيط بها ولكنها كانت لا تبالي بهم ،
كانت تسترجع الذكريات وهي تسير وتنتظر أن تسقط عيناها على النيل لعله يخبرها بشيء
ما تبحث عنه. كانت الوقت تأخر ولكن لا بأس فالمكان الذي تبحث عنه في الجهة الأخرى
من الشارع ، ستسير مسرعة كما هي وتتذكر يوما آخرا أو أثنين وتخبر النيل بسرا أيضا
أو أثنين وبالأحرى هو يعرفهم وستمر من أمام البوابة الحديدية السوداء وتنظر إليها
وتبتسم فالبوابة تراه يوميا وإن رأت البوابة هي فإلى حدما قد رأته واقتربت منه.
أخيرا وصلت إلى المكان المطلوب، وجلست
بالخارج تحجج بأنها تريد أن تكون بالقرب من النيل ولكن في الحقيقة تريد أن تبحث
وجوه المارة لعلها تراه ولكنها تعرف تمام العلم أنه رحل وأنه لم يأتي هنا فاليوم
يوم عطلة. أخرت كتابها بهدوء بعد أن طلبت قهوتها. غاصت بين السطور والشخصيات ،
شعرت بألمهم وجرحهم وفرحهم وقلقهم ، كل شيء وكأنها هي الأم والأخت والزوج والأب ،
لا تعلم هل الكتابة بهذه البراعة أم أنه شيء ما مختلف. تذوقت القهوة فشعرت أن بها
شيء غريب ولكنها اكملتها لانشغالها بالقراءة. انتهت من أكثر من نصف الكتاب في هذه
الجلسة وجاءها النادل قبل أن تمشي يسألها بابتسامة كيف كانت القهوة فجابته بحدة:
"كان طعمها غريب"
النادل:" ولكن يا سيدي هذه نفس القهوة
التي تشربينها منذ أعوام. أنا اعددتها بنفسي."
هي: "لا أدري .. قد أكون أكثر السكر
."
النادل: "نعم ممكن .. ولكنك كل مرة كنت
تأتين مع السيد الذي لا أتذكر أسمه." ثم قال باسما "لعله هو السبب"
قالت وهي تبتسم من قبلها وكأنها طفلة وجدت لعبة
جديدة: " هل أمري مكشوف إلى هذا الحد؟ نعم .. لعله هو ذلك الشيء ولكن من
الأفضل أن نخفي الأمر ولنقول بأني أكثر السكر."
النادل: "حسنا يا سيدتي .. هو السكر
إذا."
No comments:
Post a Comment