كان بإمكانه سماع دقات قبله مع كل ضغطة على
شاشة هاتفه وهو يكتب الرقم الذي طالما رقص قلبه عندما كان يراه ويرن الهاتف...
تزداد دقات قلبه سرعة وتصبح غير منتظمة وكأن
قلبه يريد أن يهرب من صدره قبل أن ترد على هاتفها، ويزداد الأمر توترا مع كل جرس
يسمعه وكأنه ينتظر نتيجة امتحان هام. ردت..
هو:"الو" ...
هي: "الو" ...
صمت تام .. كذلك الصمت عند شروق الشمس أو
غروبها أو مع بداية الأمطار وتوقفها صمت هائل تدور فيه الكثير من الأفكار كما تدور
الرياح العاتية والتي تعبث بكل شيء دون ردع.
كان يريد ان يقول: مر شهر ويومان وأحد عشر
ساعة ودقيقتين و5 ثواني، أشرقت فيهم الشمس وغربت، نام فيهم القمر وصحى، داعبت
الرياح الشجر وتركتها ولم نعلم كيف حالك ولم نسمع صوتك ودقات قلبي غير منتظمة على
حالها ينتظر إشارة الصوت المألوف لتأخذ مجراها الطبيعي. السماء تتساءل ولو أن
نجمتها على ما يرام
في النهاية قال: "بقالنا كتير متكلمناش.. أزيِك؟"
في النهاية قال: "بقالنا كتير متكلمناش.. أزيِك؟"
هي فهمت: لم يعد الأمر بهذه الأهمية، الوقت
يمر والجميع ينسى ولكن يبقى بعض الود الذي لا أريده أن ينقطع فقط أريد أن أطمئن أن
حياتك تسير وأني لم أقم بعطل لا يمكن إصلاحه.
كانت تريد أن تقول: جاء الخريف طويل وكئيب،
لا مطر ولا شمس ولا شيء، الأوراق تساقطت واحدة تلو الأخرى حتى بقيت ورقة واحدة
تتمسك بها الشجرة من أعمق جذر إلى أكبر غصن لعل بقالي الأوراق تعود والشجرة تزهر
من جديد. كيف حالي؟ مازالت عالقة في الخريف متسائلة لو أن فصول السنة أصبحت فصل
واحد وبقالي الثالثة علقوا في الماضي ونسوا الحاضر. لعل الشجر مازال ينمو بين يديك
، لعل الأزهار لم تختفي أبدا بين عينيك، هل أنت عالق أيضا في الخريف، أم أن الفصول
تسير كعادتها من خريف لشتاء ثم ربيع هادئ ودافئ؟ كيف حالك!
في النهاية قالت: "انا تمام الحمدلله،
مفيش حاجة بتحصل اوي أنت عارف الشغل بقى. قلي أنت عامل ايه؟"
هو فهم: لم تعد أمور حياتي تخصك ، ما تعرفه
أصبح ماضي وأكمل حياتك في هدوء وكيف حالك؟ أريد فقط أن أتأكد أن حياتك تسير بعيدا
عني حتى لا أتوقع أي قلق.
كان يريد أن يقول: الحياة توقفت، القافلة
تركتني وأكملت. تركتي في الصحراء بلا ماء ولا صديق وحتى السماء تظهر وتختفي. وأصبح
النهار مخيف لا أدري ماذا سيحدث ولا ماذا أتوقع والمخيف أكثر هو أن أراكي في قافلة
أخرى تسافرين نحو أحلام جديدة أو نفس الأحلام ولكن في طريق مختلف، طريق لا أعرفه
فأكل حياتي بلا ماء ولا صديق ولا سماء. أخبريني هل هناك أخرين؟ هل هناك من أكتشف
السماء ونجومها؟
في النهاية قال:" انا كنت بكلمك عشان
أسألك لو هتروحي الحفلة بتاعة الشغل؟ انا كمان كنت رايح ومش عارف حد هناك اوي ومش
عايز نكون في مشاكل ولا حاجة."
هي فهمت: أريد أن أتأكد أني تخلصت من ذلك
الألم نهائيا ولن يظهر كصداع المفاجئ دون خبر. ومن الأفضل أن تتعرفي على أصدقاء
تشاركينهم مثل هذه الأحداث.
كانت تريد أن تقول: سأذهب لكي أبحث في كل وجه
وفي كل حركة وفي كل صوت وفي كل نظرة لعله يكون وجهك أو حركتك أو صوتك أو نظرتك
فتعود الكواكب لحركتها الطبيعية والماء يجري كما أعتاد والأمطار تتساقط في هدوء
دون تردد. نعم سأذهب ولكن هل سيجد قلبي ما يريد؟ ام سيعود مكسور كما ذهب؟ إن
رأيتني فحاول أن تمنعي من الهرب أو الأفضل أن تهرب معي إلى مكان آخر بعيد، إلى
عالم تحيط به السماء والنجوم والقمر.
في النهاية قالت:"أه أه هروح. لا متقلقش
أكيد مفيش مشاكل ولا حاجة ، احنا أصحاب."
....
عاد الصمت من الجديد وكأن العواصف تشتد قبل
أن تغادر للتأكد من أنها لم تترك نقطة إلا وحركت فيها ما ينبغي أن يتحرك وبعثرت كل
شيئ
قال: "طيب هشوفك بكرا بقى."
قالت:" أه ان شاء الله"
كانت الأفكار تتسارع بحيث لم يعد واضحا
حركتها أو مسارها
كان يريد أن يقول: "مازالت أحبك كما
كنت"
كان يحاول أن يخفيها في كلمة واحدة، كان
يحاول أن يزرعها في لسانه في حروفه وحركتها فمه كان يحاول بكل قوة أن تبدو كلمة
"مع السلامة" وكأنها أحبك
وردت هي "مع السلامة" مزروع
بداخلها ... وأنا أيضا أحبك ...
وأنقطع الاتصال
No comments:
Post a Comment