كان هناك صياد أسمه فارس خرج في رحلة صيد لحيوانات برية مع قافلة كبيرة. توجه فارس مع القافلة نحو غابة واسعة قضوا فيها عدة أيام وقتلوا فيها ما يريدون من الحيوانات ثم توجهوا نحو طريق العودة . تعطلت سيارة فارس فتوقفت القافلة كلها من أجله وبعد عدت دقائق عادت للعمل من جديد. كان الوقت ليلا عندما تعطلت السيارة من جديد وتوقف للحظات لكي يتفقد السيارة وفجأة وجد نفسه وحيدا وقد انقطع الاتصال تماما عن القافلة. ظل ينادي بصوت عالي ولكن الدقائق التي تفقد فيها السيارة كانت كافية لكي تبتعد عنه القافلة وتتركه وحيدا مع سيارته وسلاحه. بات الليلة في خوف شديد وهو ممسك سلاحه وعندما جاء النهار قرر أنه سيدخل الغابة وأنه عليه أن يعيش بها حتى يأتيه المساعدة.
بمجرد أن دخل الغابة وجد انه في منطقة مختلفة عن التي كان فيها فهذه المنطقة وكأنها مدينة فقط للقرود. قضى يومه الأول يراقبهم في صمت , كانوا يعيشون في سلام وراحة فالشجر من حولهم يضمن لهم الطعام ومكان للراحة كما أنه لديهم جو ومنظر خلاب. لاحظ بان هناك قرد عجوز وكأنه زعيم هذه الجماعة ولكن يبدو أنه ضعيف مثل بقية القرود لذلك شعر فارس بأن هذه هي فرصة عمره. في الصباح التالي وقف في وسط الغابة رافعا سلاحه الناري في يد وسيف طويل في يد أخرى ويقول بصوت صارخ أنه أصبح الآن ملك هذه الغابة. أجتمع حوله عدد من القرود وهم ينظرون له نظرات متسائلة.
سأله أحد القرود : "ماذا تقصد ؟ أين المملكة حتى تكون ملك؟"
سأله أحد القرود : "ماذا تقصد ؟ أين المملكة حتى تكون ملك؟"
فارس: "حسنا, من اليوم كل هذه الغابة مملكتي . ومن يعترض عليه أن يرفع شكوى لي شخصيا."
قرد آخر: " من أنت ؟ ومن أعطاك الحق لكي تكون ملك علينا."
لم يتكلم فارس وأكتفى برفع سلاحيه في الهواء.
تدخل قرد يبدوا كبير في العمر وهو يقول: "لكي نتخيل أنك الآن الملك ... ماذا تريد أكثر مما لدينا جميعا. الطعام موجود , الراحة موجودة , المتعة موجودة يكفي فقط النظر للسماء, لو تريد العمل فالعمل موجود..."
قاطعه فارس قائلا: " هل جننت ؟ "عمل" .. هل تريد للملك أن يعمل مثل باقي الحمقى !"
رد قرد: "من فضلك أحسن اختيار كلماتك تذكر أنك لست واحد منا من الأساس ونحن تركناك تعيش بيننا لأننا مسالمين".
قال فارس وهو يدور برأسه لكي يسمعه الجميع: " يكفي كلام , من الآن انا الذي أترككم تعيشون هنا , كل شيء لي وأنت تعيشون بأمري , كل أوامري مطاعة وكل ما أشتهيه يأتيني في الحال."
فجأة خرج قرد يجري نحوه فقتله فارس في الحال! وقال بصوت أعلى مما كان عليه :" أي قرد يفكر أنه يمكنه أن يعصاني سيكون مصيره مثله." سار فارس ببطأ نحو كوخ جلس فيه وبدأ ينادي على القرود لكي يخدموه.
تحرك عدد كبير من القرود نحو زعيمهم وحكوا لهم كل شيء. أخبرهم الزعيم أنه تعامل مع البشر من قبل وأن خير حل هو أن يعطوه ما يريد حتى يرحل عنهم. ولكن طمع فارس لم يتوقف أبدا وعندما زاد عن مقدرة القرود بدأ يعتدي عليهم ويقتلهم وعندها كان على الزعيم أن يتحرك وبالفعل ذهب لفارس في كوخه.
الزعيم: "تحية لمن نصب نفسه ملكلا على الاحرار."
فارس:" يبدوا أنك لم تتعلم كيف تحترم الملوك مع أنك يبدوا عليك أنك رايت الكثير."
الزعيم:" رأيت ما يكفي حتى أعلم نهاية ما تفعله أنت."
فارس : " تقصد راحتي وسعادتي."
الزعيم: " لن تكون هذه نهايتك أبدا وعليك أن تفهم ذلك جيدا."
فارس:" يبدوا أنك فقدت عقلك أيها القرد .. حقا عجوز خرف !!."
الزعيم: " بل أنت من فقد عقله , أي أحمق يأتي لكي ينصب نفسه ملكا على من هم أحرار مثله. لقد كنا نعيش في سلام دون أي القاب حتى جئت أنت بأمراضك التي تريد أن تنشرها بيننا. عليك أن ترضى بأسلوب حياتنا ولتعش معنا أو ترحل من بيننا."
فارس:" يبدوا أن هناك قرد يريد أن يذبح الليلة."
الزعيم:" لتفهم أيها الأحمق, لم آتي إلى أنها وفي نيتي أني سأعود لشجرتي سالما... ولكني جئت لأحذرك, نحن قرود مسالمون ولكننا لن نرضى بالظلم , أنت الآن تضحك لانك تعرف أننا لا نقدر على فعل الكثير أمام سلاحك ولكن عليك أن تفهم أننا لن نخضع لسلاحك و في كل الأحوال أنت ستندم في النهاية , مهما حدث أيها الملك الأحمق أنت من سيندم أشد الندم ..."
لم يتركه فارس يكمل كلامه وقطع رأسه... جن الجنون بقية القرود وهجموا على الفارس الذي بدأ في قتلهم جميعا حتى اوشكت الغابة أن تخلو من القرود ولكن مجموعة من القرود هربت وأختبأت بين الأشجار. قرر فارس أنه سيطاردهم حتى آخر لقرد وهو يقول لنفسه سنرى من سيندم !! أخرج البنزين من سيارته وقام بحرق أشجار الغابة حتى أصبحت رماد. مرت ساعات قبل أن يهدأ وينظر ماذا حدث فالغابة الجميلة تحولت إلى رماد كامل. فقط رماد يطفو على دماء القرود الحمراء. وجد فارس نفسه في وسط صحراء بدون ماء ولا طعام ولا أي شيء , لم يفهم كيف كان هناك غابة في وسط الصحراء بالتاكيد هذه القرود وراءها سر ولكنه لن يستطيع أن يفهمه. لم يجد فارس أي سبيل للحياة فوضع السلاح في فمه وأطلق النار.
لم يفهم فارس أن الزعيم عندما قال له أن سيندم أنه لم يقصد بأن القرود ستقتله ولا أنه سيموت جوعا عندما يحترق كل شيء بل كان يعرف بأن هناك دم سيسال , وان هذا الدم سينزل بين طبقات الأرض لكي يخرج أشجار تستعصي على فارس حتى أن يطأ عليها بقدمه , والآن تختلط دماءه بدماء القرود , يختلط الموت بالحياة , لكي تخرج الأشجار من جديد , وتعود الحياة كما كانت. فارس لم يفهم بأنه لا يستطيع أبدا أن يمنح ويأخذ الحياة من أي كائن , لم يفهم بأن سر الحياة لا يمكن أبدا إيقافه مهما كانت القوة الأرضية المستخدمة , ستخرج الحياة من بين الموتى , بل ستخرج الحياة من بين بقايا القتلة وستعود أقوى من السابق , وسيندم ....
No comments:
Post a Comment