في طريق العودة
يقف أمام المحطة ينتظر ... ينظر في ساعته و يتساءل هل جاءت الحافلة و فاتته ؟ يرى شخص يجلس على مقعد قريب منه, فيتحرك نحوه و يسأله عن الحافلة. ينظر الرجل الآخر إليه نظرة غريبة و يضحك. فيعود إلى مكانه و ينظر إلى الساعة مرة أخرى و ينظر يمينا و يسرا لعل الحافلة تظهر من أي مكان. يبحث في جيوبه عن أي شيء يسيله لكنه يعلم أنه لن يجد شيء فهو لا يملك غير ثمن الحافلة في جيبه وحقيبة سفره في يده و حتى السجائر لن تفيد فهو لا يدخن. وجد ثمن الحافلة في جيبه كماه هو لكن وجد في الجيب الآخر ورقة أخرى , فشكر الله على المال الإضافي الذي ظهر فجأة. ولكنه تفاجأ عندما وجدها ورقة بيضاء مطوية و قبل أن يرميها بعيدا , لمح كتابة على الورقة سرقت قلبه و كل حواسه قبل أن يدرك عقله أي شيء. هو ذلك الخط الذي أبقاه حيا طوال هذه السنين , هو ذلك الخط الذي جعله يشعر و كأنه لم يسافر بالرغم من أنه على بعد آلاف الأميال من بيته, ذلك الخط الذي كأنه يقرأه بأطراف أصعابه في الليالي المظلمة وهو وحيد. عرف الورقة , ذلك هو آخر خطاب جاء منها. فتح الورقة و قرأه للمرة المائة و لكنه كان يقرأه كأنها هي المرة الأولى و بقى في الختام كالأطفال مثل كل مرة. وسقطت دمعتان من قلبه كان طريقها عينه على ذلك التاريخ على الخطاب فهو يشير بكل وضوح أن الخطاب منذ عامين. أعاد الخطاب بهدوء إلى جيبه لكن قلبه لم يعد كما كان. تذكر كل خطاب كان يأتي منها و تذكر كل حرف كتبته له ... و لكنه تذكر أيضا أنه لم يقرأ منها أي شيء طوال هذين العامين , و تذكر كيف أنه لم يفعل أي شيء طوال هذين العامين غير أنه بعث عشرات الرسائل و هو يعلم أنها لن ترد عليه. أخذ يحرق عقله لكي يرسم لها صورة كاملة في عقله كما تركها آخر مرة لكن الذاكرة تخونه و يشعر بالتراب يغطي رجليه ,فهو سقط على ركبتيه دون أن يشعر و الآن الدموع تجري على خديه دون أن يشعر. يحرق عقله مرة ثانية حتى يقنع نفسه بأنه سيعود و سيجد كل شيء كما هو و سيجدها تنتظره مثل كل مرة أعتاد أن يسافر فيها و ستودعه أيضا مثل كل مرة عندما يسافر مرة أخرى. و لكنه يشعر بضحكة الرجل مؤلمة , مؤلمة لأنها أعادته إلى المحطة و إلى الأرض التي هي بدونها , ألاف الأميال بعيدا عن بيته. ينظر إلى الساعة مرة أخرى و ينظر للرجل و هو مازال يضحك و فجأة يتوقف عن الضحك و ينظر له و يقول : لقد تأخرت كثيرا ...
2 comments:
a7sn wa7da ktbtha ya abdelrhman :)
shokran :)
Post a Comment