Friday, January 25, 2013

مشكلة التعليم في مصر من بعد آخر


في البداية منذ سنوات كنت أعتقد أن مشكلة التعليم تتمثل في الفوارق بين نظام التعليم المصري و نظام التعليم الخاص بأي بلد أوربي أو أمريكا مثلا. لكن مع الوقت بدأت أدرك بأن جزء من المشكلة هو أننا نحاول أن نكون نسخة من هذا النظام. و هذه الفكرة دمرت نظام التعليم عندنا لسببين مهمين , أولا التعليم بهذا الشكل في أوروبا جاء متوازي مع تطور الحياة و تطور البلاد , فهم لم يأتوا بهذا النظام من الخارج أو لم يكتشفوه فجأة , ثانيا هو أن هذا النظام ملائم لثقافتهم و طبيعة حياتهم فالتعليم كما قلت يكون موازي لأسلوب الحياة عامة. و عندما حاولنا تقليد هذا النظام ظهرت عندنا ظواهر اجتماعية غريبة , فنحن فمصر لم نصل بعد للتطور التي وصلت إليه هذه الدول كما أن النظم الأجنبية تلغي تماما الثقافة و التاريخ المصري , أصبح عندنا نظام حكومي للتعليم متهم أنه متخلف تماما عن الخارج و خلال محاولته لرد هذه التهم و أن يلحق بأنظمة أوروبا و أمريكا أصبح فاشل تماما , فليس هو نظام عربي خالص نابع من ثقافتنا و لا هو و لن يكون أبدا مطابق للنظم الأجنبية. و أصبح عندنا مدارس أجنبية و كأنها نقلت من أوروبا إلى مصر دون أي تعديل سوا أنه من الممكن أن يدرس بعض من المناهج المصرية و كأنها مناهج غريبة تماما عنهم.
يعتقد الكثير بأن المدارس الأجنبية هي الحل, و أنا لا أرى ذلك نهائيا. من الناحية العلمية أنا متأكد بأن النظام التعليم الحكومي قادر على تخريج طلبة كفئ من الناحية العملية مثل المدارس الأجنبية و أحيانا يكون أفضل. نعم , صدق أو لا تصدق نظام التعليم المصري الفاشل ليس بهذا السوء من الناحية العلمية. لكن العلم ليس كل شيء خصوصا في مرحلة التعليم الأساسي و حتى الثانوي. في رأيي بأن المدارس الأجنبية تقدم خدمة جليلة للبلد التابعة لها و ثقافتها , لأنك بعد أن تنهي دراستك ستكون متعلق بهذا البلد أو على الأقل ستفقد جزء من هويتك العربية و ستبتعد عن ثقافتك كمصري و عربي. و هذه نقطة في غاية الخطورة.  ما فائدة التعليم إذا لم يرتبط مباشرة بكل شيء ننتمي إليه , الثقافة , التاريخ و حتى عاداتنا و تقاليدنا , لا أريد أن يخطأ أحد في فهمي و يعتقد بأنني أدعوا إلى نظام تعليم متخلف و جامد. 
التعليم ليس أساس كل شيء لكن إذا كانت الأسرة تعتمد على المدرسة في كل شيء و المجتمع به كثير من المشاكل التي تؤثر سلبا على كل طفل , يصبح التعليم هو كل شيء لأنه هو المصدر الوحيد لتغيير أجيال كاملة. نحن بحاجة إلى تعليم جيد في مصر ليس الهدف منه هو إكساب الطالب معلومات, نعم الصراع الآن هو صراع علم , لكن هناك عامل دائما ننساه هو الإنسان. من الممكن أن تكون المدارس الأجنبية ستهدف الإنسان و لكنها لا ستهدف الإنسان المصري , و المدارس الحكومية لا تتعامل مع الإنسان بل تتعامل مع الورق فقط. يتم تقييمك من خلال مجموعة من الأوراق الأسئلة فيها ثابتة لكل شخص مهما كانت الفروق بينهم ثم بعد ذلك تحصل على ورقة أيضا تثبت من كتبته في الورق الآخر.
حتى لا أكون ظالم للمدارس أجنبية فيجب أن اقو لان هناك ميزة كبيرة ليست موجودة في المدارس الحكومية و هي ميزة الحب و الكره. في المدارس الحكومية هناك طريق واحد ليس هناك أي اختيار , يجب أن تذاكر و تذاكر و بعد ذلك تقوم بأداء جيد في الامتحانات و يستمر ذلك أعوام و أعوام , ثم يجئ اختيار بين هندسة أو طب يقوم به المجتمع و العائلة و ليس أنت , و إذا " لقدر الله " لم تستطيع دخول طب أو هندسة ليس هناك اختيار أيضا بل تبحث عن اقرب كلية بأعلى مجموع مناسب لك , إذا تقريبا 12 عام بدون اختيارات , عليك أن تحب كل المواد التي تتعلمها و إن لم تحبها فأنت غبي , عليك أن تحفظ كل شيء , و حتى الاختيار الوحيد الذي تقوم به ستجد العائلة تضغط عليك و المجتمع كله حتى تدخل كلية معينة إلا حالات قليلة يكون ذلك الاختيار متاح لك.
يبقى السؤال , يكون كيف التعليم في مصر ؟ ما أتصوره عن شكل التعليم في مصر هو كالتالي: نظام تعليم قائم على جميع الثقافات المصرية و التاريخ المصري , بمعنى انه يغرز داخل كل طالب شعور حقيقي بأنه مصري و ليس مجرد كلام نتغنى به. تاريخنا أكثر من مجرد كلام يحفظه كل طالب دون أن يشعر بكلمة منه. يجب أن يكون نظام التعليم نابع من كل ما يؤمن به الإنسان المصري. يجب أن يعتمد بصورة رئيسية على اللغة العربية لأنها هي لغتنا. بعد أن يكون في التعليم المصري كل ما هو يجعل الإنسان المصري مصري حقيقة يكون هناك مساحة لكي يستطيع الطالب أن يستوعب العالم كله , فهم ينطلق من ثقافته الخاصة كبداية لكي يرى كل ما وصل إليه العالم و يتعلم منه ما يريد لكن في النهاية هو يرى العالم بعينيه هو , عينيه المصرية العربية و لا يرى العالم كما يريد العالم أن يراه. يجب أن يكون هناك اختيارات أكثر تزداد بزيادة عمر الطالب لان إدراكه يزداد و يكون هناك مراعاة للفروق بين الطلاب , لأنه مستحيل أن تجد طالبين متماثلين في كل شيء _ لك أن تتخيل نظام يعتبر ملايين الطلاب نفس الشخص _  المدرسة يجب أن تكون مكان لتطوير عقل الطالب و لكنها لا تزرع بداخله أفكاره معينة. يجب أن يخرج الطالب من يومه الدراسي بالكثير من الأسئلة فالمدرسة لا تعطيه أي إجابات ولكنها تجعله يفكر أكثر و يتساءل أكثر ثم ترشده لبعض الطرق و هو يختار. المدرسة أكثر بكثير من مصدر للمعلومات, المعلومات هي جزء من عملية التفكير. لا يمكن أن نلخص عملية التعليم في المناهج و الكتب. المدرسة تبني إنسان , يكفر و يشعر و يتخذ قرارات , المدرسة بشكلها الحالي تصنع مجموعة أوراق , بمعني آخر تصنع آلة.
الطريق طويل جدا من أجل الوصول لنظام تعليم مناسب لنا, نظام تعليم مصري من اجل بناء إنسان , مصري...

Sunday, January 20, 2013

رحلة إلى الجنوب





أكتب هذه المقالة بعد رحلة قمت بها بين مدينتي الأقصر و أسوان في مصر كنوع من التسجيل لكل ما رأيته لكن بطريقة مختلفة. فأنت يمكنك أن تلتقط مئات الصور لنفس المكان لكن لا يمكنك أن تلتقط الأفكار أو المشاعر , لا يمكنك أن تقيد التاريخ في صور ثابتة أو حتى متحركة. لم أجد وسيلة أفضل من الكتابة لأسجل بها رحلتي هذه.
 المقالة مقسمة إلى أقسام مختلفة لكل منها عنوان خاص منها و كل قسم يعبر عن فكرة معينة.


السفر



لا أحد يختلف على أهمية السفر في تكوين شخصية الإنسان و تفكيره لكن هذه المرة الموضوع يختلف.  الأقصر و أسوان داخل مصر , هذه ليست رحلة بعيدة للخارج , إنما هي رحلة إلى أعماق الوطن. هذه الرحلة اكتشاف لأرض عشت عليها لسنين و عاشت هي لآلاف السنين. لقد تعلمنا كثيرا في المدرسة عن التاريخ المصري و كثيرا ما كتبنا عن أصالة مصر و الإنسان المصري , لكننا لا نعلم حقا أي شيء عن تاريخ مصر. كان تعاملنا مع التاريخ و كأنه رواية طويل مملة يجب أن نحفظ صافحتها و ننتهي منها. لا أحد يستطيع أن يفهم فعلا هذا التاريخ بدون السفر. أن تسافر فعلا و تتحرك و أن تسافر بعقلك و تعيش بين الشجر , على ماء النيل , تشعر بأنك تتحرك مع أوراق الشجر عندما يمر الهواء عليها , تشعر بأنك تتغذى على الشمس مثل النباتات تماما , أن ترى الطبيعة كاملة و تنسى انك إنسان و تشعر كأنك مجرد عين ترى بها هذا الجمال و تشعر و كأنك أصبحت جزء منه. منظر النيل و الطبيعة من حوله و الصحراء و الجبال كافية بان تجعلك تسافر خارج هذا العالم. تترك كل شيء مادي وتعيش من خلال عينك. جزء آخر من السفر يكون عندما تعود للماضي عندما تقف في معبد أو مقبرة فرعونية , فقط يكفي أن تتخيل شكل و هيبة المكان عندما تم بنائه. أن تعيش مع الكاهن و هو يتقدم بخطوات بطيئة نحو قدس الأقداس , أن تشعر كأنك هو في تسارع نبضاتك و اقشعرار جسدك هيبة للمكان, حينها لن تقدر روعة المكان فقط في شكله و ارتفاعه و لكن ستقدره بقيمته.  ويبقى السفر كما هو مهما تقدم بك العمر عندما تسافر تكتشف المزيد عن نفسك , عما في في عقلك و قلبك , تكتشف المزيد عمن حولك . السفر هو رحلة لاكتشاف حتى الأشياء التي كنت تعتقد انك تعرفها حق المعرفة تكتشفها من جديد.



الحضارة و الإنسان



منظر نهر النيل الرائع و الطبيعة من حوله من أشجار و جبال بعيدة كخلفية لوحة رائعة جعلني أفكر في مفهوم "التقدم و الحضارة الإنسانية". هل كل فكرتنا عن التقدم و عن الحضارة ينحصر في العلم و الاختراعات الجديدة و أن يتحول كل شيء لعلم مدروس يتقدم مع الوقت ؟ لا أشعر أبدا بأن التقدم الإنساني و الحضارة الإنسانية لها أي علاقة بالإنسان. حضاراتنا هي حضارات مادية بحتة. فنحن ندمر كل ما هو جميل من اجل صنع ماديات قبيحة. فحتى عندما نحاول أن نصنع ما هو جميل يكون في نهاية نسخة مقلدة لا ترتقي إلى مستوى الطبيعة. نظرة بسيطة للفرق بين منظر نهر النيل في القاهرة و في الصعيد تفهم المصيبة التي نظن أنها تقدم " إنساني". لا أعلم من الذي جعل الطبيعة عدو الإنسان؟ من الذي أعطى الحق للإنسان أن يدمر الطبيعة باسم الحضارة؟ مثلا فكرة حديقة الحيوان و المحميات الطبيعية, فجأة أصبحت الحيوانات هي كائنات إضافية على الكوكب و أصبح من حق الإنسان أن يحبسها بعيدا عن الطبيعة التي تحافظ هي عليها أكثر مما يحافظ عليها الإنسان نفسه. تأمل منظر الحيوانات على ضفاف النيل بين الخضرة و الماء تعرف المعني الحقيقي للحرية , ثم تجد في أكثر الدول التي تتغني باسم الحرية الحيوانات تعيش في أقفاص حتى يتمتع الإنسان بمشاهدتها و الطبيعة تكون في الصور و الأفلام . لا أستطيع أن افهم معنى الحرية في عالم مادي , لا استطيع أن أتخيل الحرية بدون طبيعة جميلة واسعة , لا أستطيع أن أربط بين الحرية و القيود المادية في نفس الوقت. في رأيي أن الدافع وراء كل تقدم في كل دولة هو أن تزداد قوة و سيطرة بالنسبة لباقي دول العالم , فالحديث عن تقدم إنساني و حضارة إنسانية هو كلام لا يصدقه عقل فببساطة كل ما هو جميل على الأرض هو ما لم تمسه يد الإنسان , كل ما هو جميل هو ما ابتعد عن التقدم الإنساني , نحن ببساطة نصنع المشكلات ثم نبحث عن حلها , الأمراض تزداد بصنع الإنسان ثم نبحث عن أدوية جديدة , و خلال بحثنا عن حل للمشكلات القديمة نوجد مشكلات جديدة و تزداد القائمة و في نهاية نظن بأننا ألان في قمة التقدم الحضري , نظن بأننا وصلنا إلى ما لم يصل إليه إنسان من قبل , الحقيقة هي كالتالي نحن نقترب من قمة الجبل لأننا ندمر الجبل من الأسفل و ننظر وصول القمة للقاع , من كانوا من قبلنا حاولوا الوصول للقمة و لكننا نحن نحاول أن ندمر الجبل بجهلنا و نعتقد بأننا سنصل للقمة و لكن الحقيقة هي أننا سنساوي بين القمة و القاع!!



الفراعنة



الفراعنة قاموا بما هو أكثر من حضارة نفتخر بها فقط ,  ما قاموا به مثل متسلقين الجبال الذين يضعون أعلام بلادهم فوق الجبال. الفراعنة قاموا بوضع علامة في التاريخ لكي نعرف انه مهما مر الوقت و مهما حدث بأن الإنسان المصري قادر على أن يصنع المستحيل على نفس هذا التراب, وضعوا علامة على أن الإنسان المصري قادر على أن يغير مجرى العالم. هذه العلامة تتخطها كونها علامة مصرية , فهلا علامة للبشر جميعا ,  أن الإنسان قادر على صنع المعجزات بعيدا عن الحرب و الدم. علامة على أن البشر قادرون على أن يحطمون قانون الموت و أن يعيشوا لآلاف السنين بدلا من عشرات السنين . يجب أن نتوقف لنرى ما هي العلامة التي سنتركها كأفراد و كشعب. عندما يأتي الأحفاد و أحفاد الأحفاد ما هي العلامة التي سنتركها لهم و أين ستكون. سنترك لهم المرض و الفقر و الدم , سنترك لهم تاريخ اسود عن أحلام ضاعت , عن الأرض التي لم نستطيع أن نحافظ عليها , عن تاريخنا و تراثنا الذي لوثناه , سنترك لهم أهوام حضارة و تقدم , سنترك لهم جهل اسود لا يمر منه الضوء أبدا , و بدلا من ضع لهم علامة على القمة , نضع لهم أفخاخ في الطريق حتى يبقوا  في القاع . علينا أن نتوقف لحظات و نرى إلى أي درجة أصبحت الصورة قاتمة السواد , و فإننا كإفراد أو شعوب عمرنا قصير ينتهي بعد موتنا بأعوام قليلة بعكس الفراعنة فهم مازالوا أحياء حتى بعد موتهم بآلاف السنين. فالفراعنة ضمنوا بقائهم ببقاء الأرض بعكس بقائنا الذي ينتهي بعمرنا القصير.

Sunday, January 13, 2013

جدتي



لا أظن بأنني أدرك كم من الأيام او الشهور او حتى الأعوام على سماعي لهذا الخبر , خبر وفاة جدتي. يمكنك بان تحكم من صغر سني النسبي بأن كلامي ليس له معنى لكنه على الاقل كذلك بالنسبة لي. اعتقد بانه مر وقت طويل منذ ذلك اليوم لكن لا أظن بأني ادرت فعلا الخبر حتى الان. فما يحدث بعد مثل هذا الخبر هو صدمة في البداية ثم يبدأ النسيان في جعل جميع الذكريات تتاكل حتى تختفي الصدمة و تبقى ذكريات قليلة لا تقوى على أن تجعلك تسترجع الصورة كاملة, هذا ما يحدث في غالب الأمر. لكن لا أظن بأني مررت بهذه المراحل .  فجدني مازالت في بيتها كما هي. عندما ادخل البيت اشعر بالدفئ بالرغم من برودة الجو , اشعر بان بالحركة و الترحاب في المكان بالرغم من ان كل شيء هادئ و ساكن تماما. اتذكر ذلك الشعور منذ ان كنت صغير , شهور بمزيج من الهدوء و السعادة عندما اكون في صحبة جدتي, لا أعلم حتى الان كيف كانت تستطيع ان تدير حوار كامل مع طفل ثقافته مختلفة تماما ,  كل ما اتذكره عن جدتي هي ذكريات جميلة رقيقة. لا أعلم ما حقا ما اشعر به الان فان تفتقد شخص يجب ان تشعر بان خرج من حياتك , يجب ان تشعر بانه لم يعد موجود و هذا بعيد عما اشعر به الان. اظن بان كل ما يمكن ان اقوله
ا وان ادعوا به هو ان يرحم الله جدتي. 

Friday, January 11, 2013

الرقم خطئ







نعم .. هذه المقالة تتحدث عن الاتصالات الهاتفية التي تأتي بالخطأ  لك الحق في أن تتخيل أني مجنون او حتى تغلق الصفحة و تكمل تجولك في صفحات أخرى , دعنا من كل ذلك و لنتحدث قليلا في الموضوع ..
كل منا لديه قصصه التي لم تنتهي بعد. كل الروايات بطريقة او أخرى لها نهيتها , فالصفحة الأخيرة في كل كتاب تضمن ذلك ضمان لا رجعة فيه , فأنت لن تجد فجاة الكتاب زاد صفحة و ان شيء تغير او النهاية لم تعد النهاية. هذا في الكتب و الروايات لكن في حياة لا يمكن  ان تضمن النهاية , لا يمكن ان تضمن لهذه القصة ان تنتهي , لا يمكن حتى ان تتوقع افعال البشر من هم قريبين منك او بعيدين عنك ..
هناك ذلك الاختراع الذي يمكن ان يعتبر انه قرب او بعد البشر عن بعضهم , اعتقد كما تريد , انه التليفون. التليفون كان هو أساس كثير من الروابط بين البشر الذي لسبب او لاخر لم يجمعهم نفس المكان. و يمر الوقت و يحدث ما يحدث و يتباعد الاصدقاء عن بعضهم , يتباعد الاهل عن بعضهم , حتى الشخص نفسه احيانا يتباعد عن ذاته , عن وطنه. و يبقى الامل في ربط بسيط عن طريق التليفون , ياتي ذلك الأمل الخاطف , عندما يظهر رقم غريب على شاشة التليفون , لم يتم تسجيل الرقم على التليفون إذن هو على الأغلب متصل عن طريق الخطأ او اتصال غير مهم, لكن ذلك لا يخفي ذلك الأمل ابدا , ان يكون ذلك الاتصال هو الحل السحري لمشاكل العمر , ان يكون في هذا الاتصال نهاية مئات القصص التي لم تنتهي , ان يكون هذا الاتصال هو الرابط بين مئات الاشخاص الذين ابتعدوا , ان يكون هذا الاتصال هو الكلمة الاخيرة في كثير من الاشياء المتعبة , و بالطبع اهم شيء ان يكون هذا الاتصال هو الحلم الذي ظل يحلم به طوال عمره , لكن في النهاية نجيب بكل أسى و لو ان الاجابة متوقعة " الرقم خطأ"
.

Wednesday, January 9, 2013

دائما في القلب



الصورة من فلسطين التي "دائما في القلب " 

هكذا يحي الشعب العربي ذكرى أي نكبة أو أي مصيبة تقع بأن يضعها في قلبه.  خمسة و ستون عاما و فلسطين في القلب. و أنا أتساءل أليس هناك حق لهذا الذي يسكن القلوب ؟؟ انظر إلى حال اللاجئين طول الأعوام السابقة, تكفي كلمة لاجئ فهي تضع علامة على شخص تفيد بأنه دون وطن و أن هذا اللاجئ الفلسطيني مهما كان يعيش في قلبك هو خطر عليك. فلسطين دائما في القلب , لكن ذلك لم يمنع الكيان الصهيوني من سرقة الأرض و الدم كل يوم , فلسطين في القلب بعد صلاة الجمعة أمام المساجد , في هتافات المصليين , و ينام المصلون ليلا و قلبهم مطمئن بالرغم من فلسطين التي تسكن قلبوهم تسبح في الدماء و الألم. يتغني العرب دائما بحق العودة , هل يستطيع كل عربي ان يرم خريطة فلسطين التي يريد العودة إليها , هل يعرف فلسطين التي تسكن قلبه ؟ هل توقف لحظة و قام بأي شيء غير الهتاف ؟
و بالطبع قلب العربي يتسع للكثير , " فداك أبي و أمي يا رسول الله " . دائما أتساءل كيف نقوم بذلك ؟ و ما هي نتيجة هذه التضحية ؟ بعد ظهور الرسوم و الفيديوهات و التي كان هدف منها الإساءة للإسلام و المسلمين و ليس للرسول عليه الصلاة والسلام. فثقافة القلوب التي نعيش بها كافية لان تحول هذه الأعمال التافهة إلى أعمال تجعلنا نسيء إلى الدين الذي ننتمي إليه. لم أرى في أي من هذه الأعمال أي شيء يستحق أن نغضب غير حالنا. حتى عندما فكرنا في الدفاع عن هذه "الهجمة" كانت بالشعارات و الهاتفات و نخرج بعد صلاة الجمعة و نهتف و ننام ليلا. و نكتب في كل مكان ان الرسول عليه الصلاة و السلام في قلوبنا.  المحزن في الأمر هو أننا لا نعلم حقا سيرة الرسول , أنا لا أتكلم فقط عن الأحداث و إنما أتكلم هل نعرف كيف حقا كف كانت دعوة الرسول عليه الصلاة و السلام, هل اكتفي بأن يجعل الإسلام في قلبه و مضى يهتف في الشوارع , أم ان الإيمان ملأ قلبه حقا فكان ذلك الإيمان ظاهر في كل أفعاله عليه الصلاة و السلام. هكذا نتصرف عندما يكون هناك ما يملأ قلوبنا حقا نعيش من أجله , ليس فقط بالشعارات و الهتافات. عندما نؤمن بشيء بالكامل نستعد أن نضحي بأي شيء من أجعله فعلا و ليس فقط بالشعارات. هكذا قام الإسلام بالإيمان في القلب و العمل يساوي هذا الإيمان تماما.

و جاءت سوريا و بالطبع كما يحدث دائما كان هناك جزء في قلوب الملايين العرب لسوريا و أهل سوريا. ليفعل بشار و ما يريد و ستبقى سوريا في القلب. ليموت كل اليوم العشرات من النساء و الأطفال و الرجال و ستبقى سوريا في القلب. ليعيش السوريون في رعب و ستبقي سوريا في القلب.  لا تسأل نفسك كيف يسكت العرب و الدول العربية بكل ما نملكه من قوة كوحدة واحدة أمام هذا الطاغي الذي يقتل شعبه, فنحن نعرف ثقافة دائما في القلب فقط.
لو فكرنا للحظة فسنعلم أننا من صنعنا إسرائيل ووضعنها في قلب البلاد العربية , فقلوبنا اصبحت مريضة على أي حال. نحن من صنعنا الطغاة في بلدنا. نحن من صنعنا الجهل و المرض و الفقر. فببساطة نحن لا نعرف ثقافة العمل , لا نستطيع ان نتخذ خطوة للأمام بدون ان نخاف من أي عواقب , ذلك الخوف جعل الأمراض تظهر و تتمكن من الجسد العربي. 
لا أتمنى شيء بقدر ما أتمنى ان تتوقف عن وضع كل شيء في قلوبنا , ان يختفي الجهل , ان أري العرب يتحركون , ان تكون أفعالنا بقدر الهتافات و الكلام و نتوقف عن الهتافات حتى. 
أنا فقط اعرف بأني سأفعل أي شيء من أجل كل ما أحبه و كل ما يسكن قلبي. يجب أن نعرف بأن الهتافات و الكلام و الدعاء و الصور و الإعلام كلها ليست أفعال , المرض ينتشر و ينتشر و نحن نتكلم و نتكلم , و سيبقى دائما "الحلم العربي " في القلب !!!