يلمع في الفضاء في هدوء تام. ضوءه لا ينقطع
ويعطي معنى مختلف لليل ...
المشهد الأول ,زوجان يجلسان على الشاطئ في
منتصف الليل والموج الأبيض يظهر فجأة ويختفي في سواد الماء. الزوج ينظر لزوجته
ويخبرها كيف أن حبه لها مثل حب هذا النجم للنور فبدونه هو ولا شيء , لا يمكنك أن
تفرقي حقا بين النور والنجم , النجم والنور , كهذا أنت بالنسبة لي. إذا جاء الوقت واختفى
النور فتأكدي بأني سأذبل وأنفجر , سأرسل للفضاء بأكمله بأن النور قد ذهب وبأن
حياتي انتهت. حبي ليس كقمر أو كوكب يحتاج للشمس لكي تجعله يلمع ولكنه حب دائم
بدوام النور.. أنتي كنور ذلك النجم الجميع يهتدي به لكن من يحاول أن يسجنه يحترق ...
من يحاول أن يقترب منه عليه أن يتحمل ذلك الألم في سعادة ... تتحرك الزوجة لكي ترد
على كلماته ولكنه يمنعها في هدوء ويقول لها, دعينا نشاهد النجوم فأنت لكي نجوم
السماء وأنا لي نجمتي على الأرض ...
مشهد آخر لرجل في الصحراء بعد دقيقة من منتصف
الليل. الرجل يبحث في السماء كالمجنون عن النجمة التي يعرفها ,عن النجمة التي تقف
فوق وطنه. ينظر يمين ويسار ولا يرى سوى القمر ويبدو وكأنه شخص ما قد دمره أو هو
فقط الزمن يفعل فعلته كما في كل شيء. بدأ يفقد الأمل , بدأ نور النجمة التي يعرفها
يتلاشى من عينيه وقلبه والجزء المسروق من القمر بدأ تمدد ومع الوقت تحول القمر إلى
هلال رفيع. هو الموت إذا لا محال , فيبدو أن القمر أصبح هلال لكي يعطيه تحية أخيرة
أو بالأحرى درس في الحياة أن حتى القمر لا يهرب من الزمن. بقى خيط رفيع جدا من
القمر, عندها شعر بكره غريب للنور وللنجوم ولكل شيء يلمع في السماء فحتى القمر لم
يقدر على أن يقف في هدوء في السماء يسانده في تلك الليلة الظلماء.. ولكن يبدو بأن
القمر كان يريد شيء آخر باختفاء الخيط الأخير من القمر ظهرت نجمة الوطن وسط الظلام
التام...
مشهد ثالث لطفلان يجلسان بعد ميعاد نومهم
بكثير فنحن في الدقيقة الثالثة من منتصف الليل , الطفلان يجلسان في دفء حجرتهما
وينظران من الشباك إلى السماء المظلمة. أحد الطفلين يسأل الآخر هل تعرف لماذا هذا
النجم يلمع هناك ؟ ويشير بقوة بأصبعه الصغير إلى نجم معين في السماء. فيرد عليه
الآخر بحكمة الأطفال الكبار , النجم يلمع لأنه يمتلك الكثير من النور وهو يكره
الظلام جدا فهو يريد أن يصبح الكون كله مضيء. فيقول الأول أنا أحب النجوم كثيرا ,
كم أتمنى أن يكون كل شيء في العالم مثل النجوم عندها لن أخاف أن أغلق باب
الغرفة...
مشهد أخير , الدقيقة اللانهائية قبل و بعد
منتصف الليل , النجم في الفضاء الواسع المظلم يقف وحيدا , لا تصل إليه نظرات
المحبين ولا التائهين ولا حتى نظرات الأطفال البريئة. لا يشعر بالوقت ولا بأي شيء
, فهو فقط يشعر بالظلام ويحاول أن يرسل أشارات استغاثة لأي عابر بأن يأتي وينقذه
ولكن لا أحد يستجيب , فالكواكب تكتفي بأن تعكس أشاراته إلى كواكب أخرى وباقي
النجوم تقف بعيدة مكتوفة الأيدي وترسل رسائل مشابه لرسائله , الوقت لا يمر ,
الظلام وحده هو الحقيقة الآن. فجأة شعر
بأن دقيقة مرت و أن هناك مشاعر شخصين جاءت متلاحمة , فجأة شعر بدقيقة أخرى وشعر
بشخص يجد ضالته ومرت الثلاثة وشعر لأول مرة بصفاء النور الذي يرسله , شعر بأن
الوقت الذي يمر وبأن حقيقة وجوده هي عكس الظلام تماما و بأنه لا يحتاج أكثر من
يعيش ...
No comments:
Post a Comment