Thursday, July 4, 2013

يوم جديد


استيقظت من نومها على صوت الشارع يعلو من خلال شباكها الكبير, نظرت إلى الساعة في هتافها بجانب السرير و رأت التاريخ مكتوب على الشاشة فقالت لنفسها بصوت هادئ يخلو من أي مشاعر "يوم جديد إذا يا هند". توجهت هند نحو الشباك وكالعادة فاجئها ضوء الشمس ودخل بقوة إلي عينيها التي مازالت آثر النوم واضحة عليها لكن هذا لم يمنعها من تقلب نظرها في وجوه الناس و تتخيل قصص _قد تكون حقيقة_ لهموم هؤلاء الناس ,فقط من خلال تأملها لنظرات أعينهم وحركتهم.  انتهت من تأملاتها الصباحية عندما سمعت "يا هند" من أمها و الصوت يأتي من المطبخ. غسلت وجهها بماء بارد لعل البرودة تتسرب إلى داخلها وتوقف تصارع الأفكار بداخلها. توجهت إلى أمها وقامت بتقبيل رأسها وأخذت دورها في إعداد الإفطار. دار الحديث بينها وبين أمها في كل أمور الحياة كعادتها, وكما توقعت أنتهي الحديث بذكر أسم أبن عمها وكيف أن أي بنت تتمنى أن تكون عروس له. تركت هند السلطة التي كانت انتهت من إعدادها لتوها و حضت أمها وقبلتها على رأسها وقالت في أذنها وهي تبتسم "لن أكون أبدا واحدة منهم, و أنا على أي حال لا يشغلني الزواج الآن". قالت ذلك وهي ليست على يقين من النصف الثاني من الجملة لكنها على أي حال متأكدة من نصفها الأول. ابتسمت الأم وكانت تشعر بالفخر بأن أبنتها كبرت وأن لها رأيها الخاص في زواج وحاولت أن تخفي ابتسامة الفخر في جملة عتاب مازحة. نادت هند أختها الصغيرة و أبيها و اجتمعوا على مائدة الغذاء وانقطعت هند عن العالم بعد أن دخلت الأسرة في حوار مشترك و صوت التلفزيون مع صوتهم يمثل أفضل غطاء لسفرها في عالم أفكارها العميق. عادت للمائدة مرة على نداء أمها " يا هند , هل انتهيت من طعامك ؟ أختك تريد أن تجمع الأطباق". أشارت برأسها أنها انتهت فهي على أي حال لا تشعر برغبة كبيرة في الأكل. عادت لغرفتها و حاولت أن تنسى أفكارها بأن تقوم بشيء اعتادت عليه وهو أن تجمع قصاصات ورق من مجلات و جرائد جديدة و قديمة, مقالات أو صور وتعلقها على جدار خاص في غرفتها. لكن يبدو أن عقلها لا يريد أن يستسلم بسهولة فيبدو أن جميع القصاصات تعيدها إلى ذلك اليوم الذي تهرب منه منذ أن استيقظت من نومها. يبدو أن جزء منها مازال يعيش ذلك اليوم مرارا وتكرارا فقد عقلها يدرك الحقيقة بكل صعوبة عندما تنظر إلى التاريخ وتعلم أنه جاء يوم جديد. تحاول أن تقنع نفسها أن ما مضى مضى ولكن هيهات أن تسمع أذنها و التي انغلقت منذ ذلك اليوم حتى لا تسمع صوت آخر أو عينيها التي لا تريد أن ترى غير ذلك الحلم الذي أصبح من الصعب رؤيته أو بالطبع قبلها الذي تمرد على كل شيء كانت تؤمن به  وأصبح له منهجه الخاص في الحياة. علقت القصاصات في صمت على الجدار وتركتها وعادت إلى الشباك وجدت الشمس قد تحركت من مكانها, يبدو أن الوقت مر بدون أن تشعر. عادت إلى عيون الناس وهمومهم, وتعجبت كيف أنها لم تفهم هذه العيون وهمومها من قبل و كأنه أنكشف لها سر من أسرار الحياة. اختفت الشمس من السماء تماما معلنة بداية حياة جديدة , بداية الليل, أغلقت الشباك و أمسكت هاتفها و لم تحتاج أن تبحث كثيرا عن رقم صديقتها التي لا تتوقف عن الحديث معها , مرت ساعة من الحديث قبل أن يبدءوا في مراسم انتهاء المكالمة ويتأكدوا من أنه ليس هناك أي شيء لم يتناولوه بكامل تفاصيله. انتهت المكالمة وخرجت هند من غرفتها خوفا من أن تعود أفكارها لها وجلست قليلا مع أسرتها أمام التليفزيون الذي لم يمنعها من أن تعود إلى كل شيء تهرب منه. أمسكت بهاتفها قليلا لكي تتحدث مع أصدقها عن أي شيء و مر الوقت وهي تتحدث مع الأصدقاء و تعلم كل ما هو جديد عند أصدقاءها أو في العالم كله ولكن كل حين تعود إليها أفكارها و كأن فجأة ستظهر لها رسالة من بين رسائل أصدقائها تعيد ترتيب ما دمره إعصار الأفكار. شعرت هند بالتعب وذهبت للشباك من أجل نظرة أخيرة قبل النوم فوجدت القمر يشق الظلام بكل تحدي و يقف في وسط السماء يرسل نوره في كل مكان , نظرت إلى قمر و تخليت همومه و كأنه شخص مثل سكان الشارع الذي تتخيل همومهم يوميا, تخليت القمر شخص طبيعي مثلها يقف في الظلام ونوره الذي يضيء كل مكان هو صوته الذي ينادي به ,فالقمر لم يكن وحيد طول الوقت بل كان هناك نجوم تلمع وتتألق حوله و هو يقف بينهم في كل فخر و منذ أن اختفت النجوم و هو ينادي بضوئه هذا في السماء المظلمة لعل النجوم تعود و ييئس بعد شهر و يختفي ويترك السماء مظلمة ولكن يأسه يختفي وبعود ينادي بضوئه وبعد شهر ييئس و يعود و هكذا.... حتى نظرت هي إليه و قالت بصوتها الهادئ "هون عليك يا قمر إن كانت النجوم تركتك وحيدا في السماء فأنا لن أتركك أبدا و أنت لن تفعل أيضا , أليس كذلك؟" ولكن صوتها لم يصل إلى القمر المضيء البعيد و ذهبت إلى سريرها ونامت مع أفكارها التي لا تنام و في الصباح استيقظت ونظرت إلى التاريخ الذي تغير و قالت بنفس الصوت الهادي "يوم جديد إذا يا هند...".


1 comment:

Anonymous said...

,فالقمر لم يكن وحيد طول الوقت بل كان هناك نجوم تلمع وتتألق حوله و هو يقف بينهم في كل فخر و منذ أن اختفت النجوم و هو ينادي بضوئه هذا في السماء المظلمة لعل النجوم تعود و ييئس بعد شهر و يختفي ويترك السماء مظلمة
7lwa awe oo bzat ktabtak 3an el 2mar fl 25r 3gbtnee gdan
Nahla