Saturday, July 22, 2017

ثلاث أسئلة

كم يوم مر على وجودها في تلك الحفرة؟ تحاول أن تغالب ذكرتها ولكنها لا تستطيع أن تحصي تلك الأيام أو بالأحرى الليالي فالليل دائما أقسى من النهار ، فحتى السماء تتركها وحيدة في ذلك السجن فقط القمر يأتي من وقت لآخر كصديق بعيد وكأنه يتفقد أمرها. يتبع ذلك السؤال سؤال آخر ، أين الجميع؟ كانوا خمسة على تلك الجزيرة وكان هو سادسهم كان يبعد خطوات قليلة عندما ركضت هي ناحية ما ظنته البحر فقط لتجد نفسها في قاع تلك الحفرة فقط فرع شجرة لا يقوى على حمل طفل صغير يبقيها حية.. حية جسدا ولكنها تنتظر المجهول ، الذي قد لا يأتي أبدا.
كانت عينيها مثبتة كل يوم على تلك الفتحة ، كانت تنتظر أي شيء وتفكر في كل شيء في العالم ، كل شيء حدث وكل ما يمكن أن يحدث وتحاول أن تتخيل وتتخيل قدومهم أو قدومه أو أن يأتي حتى طائر ضخم ليختطفها. كان جزء منها يشعر وكأنها لو تخيلت لوقت كافي وبصدق كافي سيأتي شيء او شخص من تلك الفتحة سيأتي من أسفل السماء حيث القمر مباشرة في هدوء لينزل ويحملها ويصعد بنفس الهدوء وتعود بعد ذلك للبحر وكأن شيء لم يكن. ولكن الليالي تمر ولا أحد يأتي ولا حتى عصفور يقف على تلك الفتحة.

في وقت ما اكتشفت أن الجميع قد رحل، وأن كل شيء تغير. شعرت بضيق أكثر شعرت وكأن العالم الذي تفتقده قد انهار. لم يمر وقت طويل قبل أن تشعر بيأس تام وتحاول الخروج ولو على حساب تلك الشجرة التي تبقيها حية ولكنها سقطت وهي عند منتصف الحفرة. قضت الليلة تبكي وتتألم وشعرت بأن النهاية قد أتت وأنها لن تخرج ابدا من تلك الحفرة, كانت الدقائق الأولى لشروق الشمس ، كانت تحاول أن تفتح عينيها ببطء وهي تتألم ولكنها رأت شيء يفوق كل خيالها ، رأت شيء يفوق السماء والقمر بل وحتى رؤية وجه مألوف فوق تلك الحفرة ... في أحد أطراف تلك الحفرة ، بعيدا تماما عن تلك الفتحة التي طالما ثبتت عليها عينيها وأمالها ، كان هناك .. نفق .. نفق يختبأ في الظلام ، ظهر سؤال ثالث, هل كان النفق هناك كل ذلك الوقت؟ 

Tuesday, July 11, 2017

نهاية تانية .. مرة أخرى

مر الأسبوع والفتاة في الغابة سعيدة بوجود ذلك الأرنب إلى جانبها فهو كان صديقها في اكتشاف هذا العالم الجديد والغريب. وتماما كما حدث في المرة السابقة في يوم أخبر الأرنب الفتاة أنه يريدها أن تأتي معه ليريها مكان جديد في الغابة حيث يوجد جميع أصدقائه وكانت هي متشوقة لرؤيتهم خصوصا أنها بدأت ترى أن جنس الحيوانات أفضل من الجنس البشر الذي صادقتهم أعواما. أخذها الأرنب إلى مكان جديد رائع في الصحراء ولكنها لم ترى أيا من أصدقاءه في المكان، ضحك الأرنب وأخبرها بأن تنتظره في  ذلك المكان.
أسرع الأرنب لكي يحضر للفتاة الشريط الأخضر لكي يلف به عينيها السوداويتان منتظرا صديقه القمر بتلهف ثم يتركه لها لتجمع به خصلات شعرها التي لم يرى شيء في جمالها قط. وجمع بعض التفاح لأنه كان متأكد من انها ستشعر بالجوع بعد أن يجلسوا على الهضبة ويشاهدوا القمر. ولكن أثناء عدوته فجاه مجموعة من الصيادين بسياراتهم الكبيرة ، ظل يركض ويركض في اتجاه الفتاة وهو يحاول الهروب منهم في نفس الوقت وتشتت انتباهه للحظة وفقد تماما شعوره بالمكان فسقط في حفرة عميقة تبعد خطوات عن الهضبة حيث تجلس صديقته.

كان بإمكانه سماع همساتها والتي تريح قلبه وتنسيه كل الركض والهروب الذي قام به في حياته، حاول أن ينادي عليها ويخبرها بأنه على بعد خطوات منها ولكن الحفرة كانت أعمق والظلام يبدو وكأنه يمنع أي صوت من الخروج إلى الحفرة. كان لا يدري إن كان يسمع صوتها حقا أم ذلك الصوت يخرج من داخله. مرت فصول العام بطيئة فلا شيء أسوأ من الانتظار شيء مجهول ويشعر بالإحباط يتسرب إلى صديقته وهو جالس في قاع الحفرة، مرت الفصول الأربعة وعندما جاء الصيف مرة أخرى لم يعد يسمع سوى صوت الرياح تهب لا هوادة تضرب الصخر وكأنها تريد أن تكسره ولم يعد هناك عينين ولا كفين صغيرين يروضونها، فقط الفراغ تهب فيه كما تشاء. أدرك الأرنب أنه ينتظر السراب، ولكنه وجد الشريطة الخضراء مازالت في يده والقمر مازال يأتيه كل يوم في معاده في فتحة الحفرة يسأله عن اللقاء المنتظر ولكن الأرنب لا يدري كيف يجيبه من صديقته ومحور كل هذه الغابة قد رحلت ...فصار ينتظر الشتاء ببرودته لعل الثلج يتجمع في الحفرة فيخرج هو ولكن جزء ما بداخله يخشى تلك اللحظة لأنه سيخرج وحيدا إلى غابة صارت ملك صديقته التي رحلت .. 

Monday, July 10, 2017

ثلاثة سطور

ثلاثة سطور هذا ما وعد نفسه به. سيمسك القلم ويحاصر الورقة البيضاء بسطورها كحلية اللون كسماء صافية تماما بعد الغروب بساعات قليلة ، سماء صافية وتحمل احتمالات لكل شيء بداية من نيازك ضلت طريقها إلى أفكار ضاقت بصاحبها ففرت إلى تلك السماء. ثلاثة سطور وينتهي الأمر، ينتهي تلك القطيعة بينه وبين القلم وبين القلم والورقة. لماذا كانت القطيعة؟ سؤال لا يجد له إجابة ولكنه يتعب نفسه بالبحث عن واحدة فالمهم أن القلم هادئ في يده هدوء البحر ، يعلو ويهبط فيبدو وكأنه ساكن بالرغم من أن رحالات السفن والسمك فيه لا تنتهي.

زاد الأمر عن ثلاثة سطور ... فثلاثة سطور لا تكفي لتحمل القصة ، وفي الحقيقة الكاتب تائه في القصة فلا يدري متى كانت البداية.. هل كانت عندك ذلك المنعطف الذي تغير بعده كل شيء وكأنه كان منعطف على طريق في زمن آخر ، أم كانت البداية قبل ذلك. هل وصلت العقدة لقمتها أم مازالت القصة في صعود ؟ يبدو بالأحرى أن العقدة والحل أصبحوا صديقين متلازمين فالعقدة يتبعها والحل يتبعه عقدة مما يدمر تكوين القصة فالكاتب سيفقد عقله –إن كان مازال بمكانه- قبل أن يفقد الكاتب عقله محاولا أن يتابع تلك الاحداث. لعل القصة لا تُروى  ولكنها نوع من القصص التي يعيشها صاحبها ويتغير كل شيء بعدها في صمت. ثلاثة سطور تكفي إذا لتلك القصة فما بعد القصة هو ما يحتاج إلى أكثر من ذلك ..