Saturday, August 27, 2016

شيء ما


"ما هذا؟ يبدو أن الطريق طويلا حقا، لم يكن يخدعني إذا عندما كان يشتكي من المشي وأن الطريق طويلا...
لماذا لم ألاحظ هذا الأمر من قبل؟"
كانت تقول لنفسها ذلك وهي تمشي مسرعة بمحاذاة أسوار المباني التي تطل على النيل والأمن يحيط بها ولكنها كانت لا تبالي بهم ، كانت تسترجع الذكريات وهي تسير وتنتظر أن تسقط عيناها على النيل لعله يخبرها بشيء ما تبحث عنه. كانت الوقت تأخر ولكن لا بأس فالمكان الذي تبحث عنه في الجهة الأخرى من الشارع ، ستسير مسرعة كما هي وتتذكر يوما آخرا أو أثنين وتخبر النيل بسرا أيضا أو أثنين وبالأحرى هو يعرفهم وستمر من أمام البوابة الحديدية السوداء وتنظر إليها وتبتسم فالبوابة تراه يوميا وإن رأت البوابة هي فإلى حدما قد رأته واقتربت منه.
أخيرا وصلت إلى المكان المطلوب، وجلست بالخارج تحجج بأنها تريد أن تكون بالقرب من النيل ولكن في الحقيقة تريد أن تبحث وجوه المارة لعلها تراه ولكنها تعرف تمام العلم أنه رحل وأنه لم يأتي هنا فاليوم يوم عطلة. أخرت كتابها بهدوء بعد أن طلبت قهوتها. غاصت بين السطور والشخصيات ، شعرت بألمهم وجرحهم وفرحهم وقلقهم ، كل شيء وكأنها هي الأم والأخت والزوج والأب ، لا تعلم هل الكتابة بهذه البراعة أم أنه شيء ما مختلف. تذوقت القهوة فشعرت أن بها شيء غريب ولكنها اكملتها لانشغالها بالقراءة. انتهت من أكثر من نصف الكتاب في هذه الجلسة وجاءها النادل قبل أن تمشي يسألها بابتسامة كيف كانت القهوة فجابته بحدة:
"كان طعمها غريب"
النادل:" ولكن يا سيدي هذه نفس القهوة التي تشربينها منذ أعوام. أنا اعددتها بنفسي."
هي: "لا أدري .. قد أكون أكثر السكر ."
النادل: "نعم ممكن .. ولكنك كل مرة كنت تأتين مع السيد الذي لا أتذكر أسمه." ثم قال باسما "لعله هو السبب"
قالت وهي تبتسم من قبلها وكأنها طفلة وجدت لعبة جديدة: " هل أمري مكشوف إلى هذا الحد؟ نعم .. لعله هو ذلك الشيء ولكن من الأفضل أن نخفي الأمر ولنقول بأني أكثر السكر."
النادل: "حسنا يا سيدتي .. هو السكر إذا."

  

Thursday, August 4, 2016

لو كنت طائرا

لو كنت طائرا ... 
لتركت عالم البشر لبحثت عن غابة صغيرة أو كبيرة لا يهم ، المهم أن تخلوا من البشر ويحفها من الشمال بحر واسع أو محيط ممتد ، وكل الاتجاهات شجر ونخل ... لا فاصل بين السماء والشجر سوا البحر وأمواجه ... 
لبقيت كل ليلة على شاطئ البحر أسمع أسرار أمواجه وهي تخبرها للشجر.. 


ولو أرغمت على الحياة بين البشر كطائر .. لقضيت حياتي أنقل رسالات المسافرين ، أنقلها كاملة بما فيها من دموع ودقات قلب سريعة أو حتى متقطعة ونظرات للفراغ متأملة الللاشيء منتظرة المحب يعود والوطن يظهر من جديد، لسافرت آلالاف الأميال, بجناحين متعبين فقط لأنقل ستة حروف فقط .. ستة حروف .. " أ" "ف" "ت" "ق" "د" "ك" .. لعل المسافر يصبر على غربته ولعل المنتظر يجد ما يؤنسه. 
.. لقضيت ساعة من كل مساء أمام نافذة السيدة العجوز لتحكي لي أن أبنها الذي سافر ليدرس ونجح وحفيدها الذي يشبه بنتها تماما وكيف أنها لم تره منذ كان رضيعا ولكنها لو رأته الساعة لعرفته وسط ألف.. ستحكي لي كيف كانت تجعد شعرها في الليل على ضوء شمعة منتظرة الصباح يأتي بأمل جديد .. ستحكي الكثير من القصص ، أكثر مما يتحمله أي انسان لذلك من الجيد أن تكون طائرا