Sunday, October 28, 2012

الوقت


الوقت


كثير من الأشياء في حياتنا يمكن أن نستعيدها. الحياة مكاسب و خسائر , تفقد أشياء و تكسب أشياء أخرى. الوقت. العكس كل شيء في الحياة, صديقنا هذا لا يعود أبدا و موجود دائما... الوقت ..
كثير من الناس يتمنون أن يعودوا بالزمن حتى يصححوا خطأ قاموا به في الماضي أو يعيشوا لحظة معينة في الماضي لكن هذا بالطبع مستحيل. لو فكرنا قليلا لن تجد فائدة من العودة الماضي. جمال الحياة هو أن تعيش كل يوم جديد, أن تصحوا من نومك على أمل جديد , على تحدي جديد أمامك. يمكنك أن تعود إلى الماضي و تمحو كل أخطائك , لكن ستمحو معها تلك الليلة  التي سهرت فيها و أنت تبحث عن حل للمشكلة و شعورك بالسعادة عندما تخطيت هذه الليلة, ستمحو معها ذلك الشخص الذي كان معك خلال أزمتك , يساعدك طوال الوقت و الذي أصبح الآن صديقك. ستجد نفسك تمحو تقريبا أكثر الأشياء التي جعلتك ما أنت عليه الآن.  
بالتأكيد هناك الكثير من اللحظات السعيدة التي عشتها في حياتي لكني لا أتمنى أن أعود بالزمن لتلك اللحظات, أنا أفضل أن اصنع لحظات جديدة. ما أتمناه أحيانا هو أن أوقف الوقت. لا أريد أن أعود أو أتقدم, أريد فقط أن أتوقف. أريد ذلك القطار أن يتوقف ليس للاستراحة و لكن أريد أن أتأكد من أني على الطريق الصحيح و أنني ذهاب للمحطة المطلوبة. أريد أن أتوقف لألقي نظرة على المسافة التي قطعتها أو أنني أخطأت الطريق في وقت من الأوقات.
الوقت سيمر في كل الأحوال , مهما تمنيت أن تعود  , مهما تمنيت أن تعيش في الماضي , أن تكرر تلك الأيام التي مضت , أن تعود طفل , أن تعيش حياتك السابقة , أن تمحوا جزء معين من حياتك , لن يحدث أبدا أبدا .. ليس هناك إعادة محاولة في الحياة , هناك فرص جديدة , هناك صباح جديد كل يوم , هناك قطار جديد كل يوم مستعد أن يأخذك إلى وجهة جديدة , الوقت سيمر و المشاكل ستأتي و أيضا الصباح يأتي كل يوم فهمها حدث لك في الليل تأكد بأنك لن ترجع لتلك الليلة أبدا و أن الشمس ستكون في انتظارك مع قطار جديد في الصباح فبدل من البكاء على الماضي و تتمنى أن تعود لتلك اللحظة , ابحث عن الشمس و اجعل القطار ينطلق و عندها فقط لن تشعر بوجود الوقت ..  

Tuesday, October 9, 2012


الضفة الأخرى..


كان هناك طفل يعيش في قرية صغيرة قريبة من البحر. كان يخرج كل ليلة بعد أن يعود الجميع إلى منازلهم ليجلس على الشاطئ. كان ينظر إلى الشاطئ في الليل, لا يرى أي شيء, كان فقط يسمع أصوات الأمواج, كان يشعر بحركة البحر, كان يتحرك مع الرياح, كان يلمس الماء البارد بيده. لكنه كان دائما يشعر بالخوف من البحر بالرغم من انه كان عالمه الخاص. كان يشعر بالخوف لأنه لم يرى نهاية لهذا العالم. كان يرى الموج يأتي من العدم, من الظلام حتى يصل إلى شاطئه فيتحطم على الصخور أمامه. لم يرى أبدا نهاية لذلك البحر , لم يرى نهاية لذلك الظلام.
 و ذات يوم قرر أن يذهب إلى الشاطئ صباحا و هو لم يتعد على ذلك. ذهب الطفل ليجلس على مكانه المعتاد يشعر بالبحر من حوله لكن هذه المرة بدأ ينظر إلى البحر لم يكتفي فقط بالأصوات. بينما كان يتأمل في البحر تفاجأ بأنه يرى شيء اسود من بعيد. اتضح له أن البحر ليس عالم واسع بدون نهاية كما يظن. بدون تفكير قفز الطفل من مكانه , نعم .. يجب أن يصل إلى الضفة الأخرى, يجب أن يرى نهاية عالمه, يجب أن يرى بداية الأمواج المخيفة. لمست رجليه الماء, لم يشعر بالخوف بل شعر بأن البحر ضعيف و انه سيصل إلى الضفة الأخرى. تفاجئ الطفل بأن أهل قريته تجمعوا حول الشاطئ , اخذ الجميع ينادي عليه بأن ما يفعله جنون و أنه يجب أن يعود , لأنه سيغرق و أن هذه هي نهاية كل من حاول الدخول في ذلك البحر المخيف. لم يهتم الطفل بهذا الكلام و لكنه وجد بأن العمق الماء يزداد و أن حركته بدأت تكون صعبة, فتوقف الطفل و نظر إلى الضفة الأخرى و عاد...  
عاد الطفل إلى شاطئه في الليل , رجع البحر إلى هيئته الأولى عالم مخيف مظلم. نظر في السماء و هو يسمع الطيور و يحسدها على حريتها. في ليلة وجد الطفل شخص يقوم بحركات غريبة في الماء, فذهب إليه الطفل و سأله ما الذي يفعله. فأخبره بأن هذه الحركات تسمى سباحة و أنها تجعله يتحرك في الماء كما يريد. أصبح الطفل و الرجل أصدقاء , و لمدة شهور ظل الرجل يعلم الطفل كل ما يعرفه عن البحر و اخبره أن والده كان يعمل مهنة تسمى صياد , لكن حدثت عاصفة كبيرة و غرق الجميع لذلك يخاف أهل القرية من البحر , حتى هو نفسه يخاف من البحر. عرف الطفل ماذا يريد سيصل إلى تلك الضفة مهما كلفه الأمر. عرف أن السباحة فقط ستكون مستحيلة و خصوصا انه لا يعرف بعد الصفة الأخرى. قرر انه سيبني مركب و سيذهب إلى تلك الضفة مهما كلفه الأمر.

استطاع في عدة شهور أن يبني مركب صغير و قرر انه إذا احتاج شيء آخر سيجده في البحر بطريقة أو بأخرى. و في يوم خرج في الصباح لم يسمع صوت أهل المدينة وهو ينادونه عليه و كأنه مجنون ,فقط رأى الضفة الأخرى و الطيور في السماء و رأى صديقة يبتسم له. تحرك الطفل في البحر يخترق عالمه المرعب الذي أصبح طريقه للنور. كانت البداية جيدة و لكن في يوم ظهرت له العاصفة ... نعم هذه نهاية كل من كان قبله.  لكنه كان بعيد كل البعد على أن يقرر أن يستسلم ا وان يعود قرر انه سيدخل العاصفة بقاربه الصغير مهما كلفه الأمر و مرت العاصفة و كأنها الرياح التي كانت على شاطئه. لم تكن مشكلة الطفل في العواصف لم تكن مشكلته في الأمواج العالية , كانت مشكلته عندما يهدأ البحر , عندما تختفي الطيور من السماء , عندما ينسى ما علمه صديقة , كانت مشكلته عندما وجد جزيرة صغيرة في منتصف البحر جلس عليها ليرتاح ,, نعم هذه ليست الضفة الأخرى ,, بالرغم من أن وصوله للجزيرة يعتبر نجاح لكن هذا ليس حمله ,, أحيانا يسمع صوت الطيور أو يتذكر منظر الضفة الأخرى فيتحرك نحو قاربه و يشق طريقه , لكن تقابله جزيرة أخرى و أخرى و أخرى ,,, لكن مازال هناك أمل , فحلم مازال موجود و الصفة الأخرى في انتظار الطفل ..