للوهلة الأولى تبدو الإجابة واضحة ومنطقية. فالسمك يموت
خارج البحر، قد يبقى لفترة تطول أو تقصر ولكنه في النهاية و على الأرجح في دقائق قليلة
سيموت ولكن هل معنى ذلك أن موقفه أصعب من البحر؟ الإجابة هي لا.
السمك عندما يخرج من البحر يعلم تمام العلم أنه سيموت أو
بالأحرى أنه بدأ في ذلك بالفعل، قد يحاول النجاة وذلك بطريقة واحدة وهي العودة
للبحر أو قد يسلم وينتهي الأمر ويودع ما يستطيع توديعه ويتلو صلواته الأخيرة ويستعد
للرحيل.
أما البحر بدون السمك فسيفاجئه سؤال صعب ، "ما
فائدة كل ذلك؟" ما فائدة الماء والموج والشواطئ والرمال إن كان ليس هناك ساكن
لها، ما فائدة مداعبة القمر ليلا بمد وجزر إن كان الأمر بدون مشاهدين. سيكون الأمر
وكأنه يموت كل ليلة ولكنه عليه أن يحيى ذلك الموت كل ليلة، عليه أن يعيش مع ذلك
الصمت الذي يمتد بامتداد مياهه. وستبدو الأمواج وهي تعود إلى شاطئ كمسافر بعيد أتى
ولكنه لم يجد من يرحب به وسيرحل بدون أن يجد مودع له. ويبقى أمله أن تتسلل سمكة
وسط هذا الصمت لتقطع ليالي الموت الطويلة وتجعل من كل ذلك فائدة.
ذلك الإجابة دائما البحر بدون سمك أصعب مئات المرات من
سمكة بدون بحر